الصدقة قوة وأمانة، فإن حدث قرن ليس فيهم ذو قوة وأمانة من أهل هذه الصدقة ولاها الحاكم العدل (1) من يحتمل ولايتها بالقوة والأمانة من أقرب الناس رحما إلى موقفها، فإن لم يكن فيهم فمن مواليه وموالي آبائه الذين أنعموا عليهم، فإن لم يكن فيهم من أهل القوة والأمانة أحد جعلها إلى من كان قويا أمينا من المسلمين.
وعلى من ولي هذه الصدقة من سائر الناس أن يعمرها ويصلحها ويقوم بجميع ما سمى ووصف في أمرها. لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يغير هذه الصدقة. ويحولها عن منزلتها، ولا يبدل شيئا منها ولا من شروطها، ولا يطعن فيها بشئ من وارث، ولا سلطان، ولا قاض، ولا أحد من الناس كلهم حتى يرثها الله الذي له ميراث السماوات والأرض وهو خير الوارثين، فمن غير منها شيئا أو من شروطها، أو طعن فيها بشئ يبتغي به توهينها أو تغير شئ منها، فقد باء بإثمه فيها، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وقد جعل فلان بن فلان فلان بن فلان - ويذكر الذي أسند الوقف إليه - جريه ووكيله في حياته، ووصيه بعد وفاته في القيام بأمر هذه الصدقة الموقوفة المحدودة الموصوف أمرها في هذا الكتاب، وفي إنفاذ ما يخرج الله من غلاتها في أهلها وسبلها المسماة الموصوفة فيه، ووصيته بعد وفاته في جميع ذلك على ما اشترط من قوته وأمانته. فليس لقاض من قضاة المسلمين، ولا لوال منهم، ولا لأحد أن يخرجها من يده ما كان قويا أمينا عليها، ولا من يد أحد ممن تصير إليه ولايتها ما أمضى شروطها على واجباتها، ولم يغير شيئا منها، وقد قبل فلان بن فلان من فلان بن فلان ما ولاه من ذلك، وتولى القيام به، ودفع فلان بن فلان جميع هذه الأرض الصدقة الموصوفة المحدودة في هذا الكتاب بحدودها كلها