313 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام، فيما رواه شداد بن الهاد قال: " سجد رسول الله صلى الله عليه وآله سجدة أطال فيها، فقال الناس عند انقضاء الصلاة: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه أتاك وحى، فقال عليه الصلاة والسلام: كل ذلك لم يكن، ولكن ابني هذا ارتحلني (1) فكرهت أن أعجله حتى يقضى حاجته "، وكان الحسن أو الحسين عليهما السلام قد جاء النبي عليه الصلاة والسلام في سجدته فامتطي ظهره: وهذا الحديث مشهور، وهو حجة لمن يجوز انتظار الامام بركوعه إذا سمع خفق النعال حتى يدخل الواردون معه في الصلاة وهو قول الشافعي، وقد كرهه أهل العراق. ولا خلاف في أن الامام يجوز له أن ينتظر حضور الجماعة إذا لم يخش فوت الوقت قبل أن يدخل في الصلاة، فانتظاره عليه الصلاة والسلام ابنه حتى يقضى منه حاجته يدل على أن من فعل هذا الفعل وأشباهه لا يخرج به من الصلاة، وقوله عليه الصلاة والسلام:
" ولكن ابني هذا ارتحلني " استعارة، والمراد أنه جعل ظهره كالراحلة له والمطية التي تحمله، ويقال من ذلك: رحلت الناقة وارتحلتها: إذا امتطيتها لتسيرها، وعلى ذلك قال الشاعر:
ولكن رحلناها نفوسا كريمة * تحمل مالا يستطاع فتحمل