جانب النقمة والضلال (1).
98 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في كلام تكلم به عند منصرفه من تبوك: فلم يبق منهم تحت أديم السماء إلا رجل في الحرم منعه الحرم من عذاب الله " وفي هذا الكلام مجازان:
(أحدهما) قوله عليه الصلاة والسلام: تحت أديم السماء، فجعل للسماء أديما، يريد ما ظهر منها للابصار، تشبيها بأديم الحيوان، وهي الجلود التي تلبس الأجساد، وتغطى اللحوم والعظام، ويقال أيضا: أديم الأرض، ويراد به ما ظهر من صفحاتها التي تباشرها النواظر، وتطؤها الاقدام والحوافر.
(والمجاز الآخر) قوله عليه الصلاة والسلام: فمنعه الحرم من عذاب الله، والحرم على الحقيقة غير مانع من العذاب الذي يريد الله سبحانه أن ينزله بالمستحقين، وإنما المراد أن الله تعالى جعل الحرم معاذة لعباده تعظيما لقدره، وتفخيما لامره، فمن استجار به من عذابه عند مواقعة معصيته جاز أن يؤخر عنه العذاب ما كان متعلقا به.