وهاتان الاستعارتان من أحسن الاستعارات، لان الجوع أبدا إنما كان يلحق العرب في اللاواء (1) والأزمات والسنين المجدبات، وتلك السنون تسمى غبرا لاغبرار آفاقها من قلة الأمطار، وأراضيها من عدم النبات والأعشاب، ويقولون: هذه حجج (2) غبر إذا كانت كذلك، ألا ترى إلى قول الشاعر:
أغر يباري الريح في كل شتوة * إذا اغبر أقدام الرجال من المحل وقيل عام الرمادة (3) لهذا المعنى على أحد القولين، والقول الآخر:
أنه إنما سمى بذلك لهلاك الناس فيه مأخوذ من الرمد وهو الهلاك، قال الشاعر:
صببت عليهم حاصبي فتركتهم * كأضرام (4) عاد حين جللها الرمد أي الهلاك.
والاستعارة الأخرى قوله عليه الصلاة والسلام: والموت الأحمر، وهذه طريقة للعرب في وصف اليوم العماس (5)، واشتداد البأس