والسلام اليمين هاهنا مقام الطاعة التي يتقرب بها إلى الله سبحانه على طريق المجاز والاتساع، لان من عادة العرب إذا أراد أحدهم التقرب من صاحبه، وفضل الأنسة بمخالطته، أن يصافحه بكفه، ويعلق يده بيده. وقد علمنا في القديم تعالى أن الدنو يستحيل على ذاته، فيجب أن يكون ذلك دنوا من طاعته ومرضاته. ولما جاء عليه الصلاة والسلام بذكر اليمين أتبعه بذكر الصفاح، ليوفى الفصاحة حقها، ويبلغ بالبلاغة غايتها.
ونظير هذا الخبر الحديث الآخر: " إن الصدقة تقع في يد الله سبحانه وتعالى قبل يد السائل "، أي يتعجل بها منه سبحانه مثوبته ومواقعته، وموافقة طاعته، وأنها لا تهلك ضلالا، ولا تذهب ضياعا، بل تكون كالشئ المحفوظ باليد، والمذخور للغد (1).
* * * وهذا أخير انتهائنا إلى الفراغ من كتاب " مجازات الآثار النبوية " على ما تخلل عملنا له من قواطع الاشغال، وبواهظ الأثقال، وعوادي الأيام والليال. وقد خرجنا في صدر هذا الكتاب من