وقال المفسرون في قوله تعالى وهو يريد نار الدنيا: " نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين " قالوا تذكرة يستذكر بها الناس نار الآخرة، فيكون ذلك أزجر لهم عن المعاصي، وأصرف عن المضال والمغاوي، لان نار الدنيا إذا كانت على ما هي عليه من قوة الاحراق وشدة الارماض (1) والاقلاق (2)، وهي مع ذلك دون نار الآخرة في الطبقة، وجزء من أجزائها في الايلام والنكاية، فما ظننا بتلك النار إذا باشرت الأجسام، وخالطت اللحوم والعظام، نعوذ بالله منها، ونسأله التوفيق لما باعد عنها. وقيل في المقوين قولان.
أحدهما: أن يكونوا المرملين من الزاد، والفاقدين للطعام، يقال:
أقوى فلان من زاده إذا لم يبق عنده شئ منه، وذلك مأخوذ من الأرض القواء التي لا شئ فيها، فكأنه صار كهذه الأرض في الخلو من البلغ التي يتبلغ بها، والمسك التي يترمقها (3)، والقول الآخر أن يكون المقوون هاهنا السائرين في القوى، وهي الأرض التي قدمنا ذكرها، والنار للمسافر أرفق (4) منها للحاضر.