ويؤيده ما افاده انهم استدلوا بهذه الروايات في باب وجوب نفقة الزوجة ولم يستشكلوا عليها بمخالفتها للقاعدة من هذه الجهة ولو كان لوجب التنبيه عليه عادة فراجع الجواهر والرياض في باب وجوب النفقة تجد صدق ما ذكرنا، وقد حكى في (المسالك) في باب (من غاب عنها زوجها) قولا بان للمرأة الخروج من النكاح بالاعسار بالنفقة وان لم يسم قائله، واستدل هو على جواز الطلاق في بعض صور المسألة أعني مسألة من غاب عنها زوجها بقاعدتي نفى الحرج والضرر مضافا إلى النصوص والحاصل ان مخالفة هذه الفتوى لفتوى الأصحاب غير معلومة مع ذهاب هؤلاء الاعلام أو ميلهم إليه.
واما ما افاده المحقق النائيني فيما عرفت من كلامه من احتمال الحكم بانفساخه بلا حاجة إلى الطلاق فهو أمر عجيب لأن الذي يقتضيه الجمع بين أحكام الشرع و اغراضه وملاكات أحكامه ان يرفع الضرر بطريق يكون أقل محذورا، ومن المعلوم ان توقف حل عقدة النكاح على الطلاق (الا فيما استثنى) حكم ثابت في الشرع كما أن كون الطلاق بيد من أخذ بالساق حكم آخر، فإذا أمكن دفع الضرر بالغاء الثاني الذي في الواقع شرط من شرائط الطلاق واعطائه بيد ولى الامر الحافظ لنفوس المسلمين وأموالهم وفروجهم، فما الوجه في اهمال حكم الطلاق وتوقف انفساخ الزوجية عليه من رأس، والحكم بانفساخها بنفس الضرر، والحاصل انه يقتصر في تخصيص عمومات الأحكام الأولية بعموم لا ضرر على مورد الضرورة لا غير.
كما أن ما ذكره من مسألة تدارك الضرر الذي ليس من ناحية أحكام الشرع ولا من ناحية المكلفين بعضهم ببعض من بيت المال فهو أعجب من سابقه، وليت شعري ما الوجه في لزوم تدارك هذا الضرر مع عدم استناده إلى الشارع ولا إلى مكلف، وهل يمكن اسناد الضرر إلى الشارع وأحكامه لو لم يحكم بوجوب تدارك هذا الضرر من بيت المال حتى يستدل بحديث نفى الضرر لاثبات وجوب التدارك، ولعمري انه أوضح من أن يخفى على مثل هذا المحقق النحرير.