ويدل عليه أمور: الأول - ان ما يطلق عليه الحكم العدمي في أمثال المقام يكون في الحقيقة حكما وجوديا فعدم الضمان في المثالين عبارة أخرى عن الحكم ببراءة الذمة وهي حكم شرعي تحتاج إلى جعل الشارع كما يحتاج شغل الذمة إليه وان شئت قلت: براءة الذمة في باب الأحكام الوضعية نظير الإباحة في باب الأحكام التكليفية، فكما ان الإباحة والترخيص في مواردها من الأمور الوجودية فكذلك حكم الشارع ببراءة ذمة الحابس للحر عن الغرامة حكم وضعي وجودي. وتوهم ان الإباحة التكليفية كالبراءة الوضعية من الأمور العدمية المطابقة للأصل غير محتاجة إلى التشريع و الجعل، فاسد لأن الأحكام الخمسة بأجمعها أمور وجودية غاية الأمر ان بعضها محتاج إلى البيان وبعضها يستكشف من عدم البيان، والحاجة إلى البيان وعدمه غير الحاجة إلى الجعل وعدمه كما هو ظاهر، ولذا يترائى من الشارع المقدس انشاء الإباحة في موارد كثيرة كقوله كل شئ حلال الخ فإن التحليل والترخيص والإباحة في هذه الموارد أمور وجودية أنشأها الشارع.
الثاني الظاهر من قوله (لا ضرر ولا ضرار) انه لا ضرر من ناحية الشارع على أحد (على قولهم) أو من ناحية المكلفين بعضهم إلى بعض (على المختار) فالمنفى الضرر المستند إلى الشارع أو إلى المكلفين، فلو لزم من عدم الجعل في بعض الموارد استناد الضرر إليه كما في مثال الحر المحبوس وجب نفيه بالقاعدة، فليس في عنوان الدليل (الحكم الضرري) حتى يتكلم في صدقه على العدميات بل المدار على صدق نسبة الاضرار إلى الشارع أو إلى المكلفين، ودعوى ان استناد الضرر لا يصح الا في مورد الافعال الوجودية ممنوعة جدا، الا ترى انه لو صرح الشارع بان منافع الحر غير مضمونة لا يجب تداركها وان بلغ ضرره ما بلغ، صح لنا ان تقول ان الحر المحبوس لم يقع في هذه الخسارة العظيمة الا لقول الشارع كذا وكذا.
والسر في ذلك أن محيط التشريع بجميع شؤونه محيط حكومة الشارع والامر فيه في جميع حركات المكلفين وسكناتهم إليه، فما ينشأ من اهمال جعل بعض الأحكام من الضرر مستند إليه مثل ما ينشأ من أحكامه المجعولة الا ترى ان الوالي إذا