منهما الضرر عليهما حتى يتعارضان، نعم بعد شمول أدلة نفي الضرر لجواز تصرف المالك ينشأ منه حكم ضرري على المالك وهو عدم سلطنته على تصرفه في ماله بهذا النحو من التصرف، ولكن من المعلوم ان هذا الحكم إنما نشأ من ناحية أدلة لا ضرر ولا يعقل أن يكون منفيا بها وفى عرضا، فليس المقام من باب تعارض الضررين.
واما فساد الكبرى (يعنى عدم جواز الرجوع إلى قاعدة السلطنة وأدلة نفى الحرج بعد تعارض الضررين) فقد ذكر في وجهه ما حاصله: ان الرجوع إلى العام عند تعارض المخصصات إنما يصح في موارد تعارض المخصص مع ما في رتبته، وأما إذا تولد من تخصيص العام بمخصص، فرد آخر من سنخ المخصص، ووقع التعارض بين هذين الفردين من افراد المخصص، فذلك لا يوجب الرجوع إلى العام، والمقام من هذا القبيل فإن حكومة أدلة نفي الضرر على عموم تسلط الناس على أموالهم أوجب الحكم بعدم جواز تصرف المالك بذاك النحو من التصرف وهذا الحكم ضرر بالنسبة إلى المالك وان شئت قلت: التعارض هنا بين مصداقين لمخصص معلوم لا بين دليلين مختلفين أحدهما مخصص للعام اجمالا. هذا كله بالنسبة إلى عدم جواز الرجوع إلى قاعدة السلطنة، واما عدم جواز الرجوع إلى دليل نفى الحرج فلان الرجوع إليه إنما يصح إذا كان حاكما على دليل نفى الضرر وهو ممنوع. انتهى كلامه ملخصا.
أقول - وما افاده قدس سره قابل للنقد من جهات شتى، ولنذكر أولا ما عندنا في حكم المسألة بجميع صورها، ثم لنشر إلى مواضع الاشكال فيما افاده تحقيقا للحق وتوضيحا للمختار اما الأول:
لا ينبغي الاشكال في أن قاعدة السلطنة مع قطع النظر عن دليل لا ضرر قاصرة عن شمول بعض الأنحاء التصرف في المال، فإنها إنما تدل على جواز تصرف المالك في ماله بما جرت عليه سيرة العقلاء من انحاء التصرفات، ولا دليل على جوازها فيما عداها، و منه يظهر حال كثير من الأمثلة التي ذكروها في المقام فإن التصرفات التي لا يكون في فعلها نفع للمالك ولا في تركها ضرر عليه عادة وإنما يقصد بها مجرد الاضرار بغيره،