وعن (المصباح) انه فعل المكروه بأحد والنقص في الأعيان.
وذكر الراغب في (مفرداته) انه سوء الحال، اما في النفس لقلة العلم والفضل واما في البدن لعدم جارحة ونقص، واما في الحال من قلة مال وجاه (1) والظاهر أن الاختلاف بين هذه التعبيرات من جهة وضوح معنى الكلمة لا لاختلاف في معناها، بل الرجوع إلى أقوال أهل اللغة - لو قلنا بحجية قول اللغوي - في أمثال هذه المقامات التي يكون المعنى ظاهرا عند أهل العرف يعرفه كل من انس بهم ولو من غير أهل لسانهم، مشكل، لأن الرجوع إليهم من باب رجوع الجاهل إلى العالم وأهل الخبرة، وهنا ليس كذلك لأن كل من يزاول هذه اللغة كمزاولتنا يكون من أهل الخبرة بالنسبة إلى أمثال هذه اللغات الدارجة، بحيث يحصل له من تتبع موارد استعمالاتها الكثيرة نوع ارتكاز بالنسبة إلى معناها اللغوي يمكنه الرجوع إليه عند الشك في بعض مصاديقه، مضافا إلى أنه ليس من دأب اللغويين التعرض لخصوصيات معنى هذه اللغات اتكالا على وضوحها، فاللازم علينا الرجوع إلى ما ارتكز في أذهاننا وأذهان أهل العرف من معناها.
والذي نجده من ارتكازنا الحاصل من تتبع موارد استعمالات هذه الكلمة ان معناها هو (فقد كل ما نجده وننتفع به من مواهب الحيات من نفس أو مال أو عرض أو غير ذلك) وما قد يقال بعدم صدقه في موارد فقد العرض كما ترى نعم استعماله في بعض موارد فقد العرض قليل، بل الظاهر صدقه في موارد اجتماع الأسباب وحصول المقتضى لبعض و تلك المنافع إذا منع منه مانع، كما أن الظاهر أنه مقابل للنفع كما يشهد به كثير من آيات الذكر الحكيم مثل قوله تعالى: ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم وقوله:
يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه، وقوله: يدعو لمن ضره أقرب من نفعه، وقوله: عز من قائل: ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا: إلى غير ذلك.
هذا والامر فيه سهل بعد امكان الرجوع إلى ما ارتكز في الذهن من تتبع موارد