فاتاه بماء غير بارد وشرب المولى منه، لم يحتج بعد ذلك إلى الماء البارد، والحاصل انه لما اتى بالناقص لم يبق مجال للاتيان بالكامل.
وان شئت قلت: هذا من قبيل الاتيان بغير المأمور به الرافع لموضوع المأمور به كما في المثال السابق وهذا أمر واقع في العرف والشرع.
فالمأمور به الواقعي هو المشتمل على عشرة اجزاء لا غير، واما المشتمل على خمسة اجزاء فهو حاو لشئ من المصلحة من دون أن يكون مأمورا به فلا يلزم محذور التصويب.
ومثل هذا البيان وإن كان ممكنا في حق العالم العامد التارك لبعض الاجزاء الا انه خلاف ما ثبت بالدليل والاجماع فتأمل.
ويمكن الجواب عنه أيضا - كما ذكره بعض أجلة العصر - ان الحكم الواقعي الانشائي في حق الجميع - الجاهل والعالم - سواء وهو عشرة اجزاء مثلا، وإنما الفرق بين الجاهل والعالم في الحكم الفعلي فالعالم حكمه الفعلي يدور على عشرة أيضا والجاهل يدور حكمه الفعلي على خمسة اجزاء فاذن لا يلزم التصويب فإنه إنما يلزم إذا كان الحكم بجميع مراتبه مختلفا بين العالم والجاهل لا ما إذا اتحدا في مرحلة الانشاء وهذا الجواب مثل ما ذكروه في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي مع الاعتذار عن محذور التصويب باشتراك الحكم الانشائي بين الجميع مع اختلاف العالم والجاهل في الفعلية، نعم كلامهم هناك إنما هو في الحكم التكليفي وهنا في الحكم الوضعي والظاهر أن هذا المقدار من التفاوت لا يوجب محذورا في المقام.