مباين له، فحالة الذكر الحاصلة حين الفعل باقية قبل الانتقال إلى الجزء الثاني فتأمل وان أبيت عن قبول هذه الحكمة فالحكم تعبد محض في مورده.
واما التفصيل بين الوضوء والصلاة بعدم اعتبار الدخول في الغير في الأول دون الثاني أو بالعكس، فهو ضعيف جدا يدفعه اتحاد الدليل في البابين، كما ذكره شيخنا العلامة الأنصاري (قده).
واما قوله في رواية زرارة: (فإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وقد صرت في حال أخرى، في الصلاة أو غيرها، فشككت في بعض ما سمى الله مما أوجب الله عليك فيه وضوئه لا شئ عليك فيه) (1) فالظاهر أنه ليس قيدا شرعيا ولعل الوجه فيه هو جريان العادة بان صورة الفعل لا تذهب عن الذهن عادة قبل صيرورته إلى حال آخر، واشتغاله بفعل مباين له.
ولذا جعله مقابلا لما ذكر في صدر الرواية بقوله: إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدرأ غسلت ذراعيك أم لا؟ فأعد عليهما، إلى أن قال: ما دمت في حال الوضوء.
فلو كان القيد قيدا شرعيا كان هناك صورة ثالثة لم يذكرها الإمام (ع) مع أن ظاهرها كون الإمام (ع) بصدد بيان جميع صور المسألة بما ذكره من الشقين.
ومنه يظهر الجواب عن الاستدلال بالحديث الثاني أعني صدر رواية ابن أبي يعفور (إذا شككت في شئ من الوضوء وقد دخلت في غيره فشكك ليس بشئ، إنما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه).
فإنه لا مناص من حمل القيد على ما ذكرنا أو شبهه، كما يشهد به ذيل الرواية أيضا فإنه خال عن هذا القيد مع أنه من قبيل الكبرى له.
هذا مضافا إلى احتمال رجوع الضمير في قوله (دخلت في غيره) إلى غير هذا الجزء فيكون حال اجزاء الوضوء حال اجزاء الصلاة، وهذا الحكم وإن كان مخالفا للمشهور بل مخالفا لغيرها من الروايات كما سيأتي، الا ان هذا الاحتمال في نفسه أقرب إلى ظاهر الرواية، وكونها غير معمول بها على هذا التقدير لا يوجب حملها على غيره، ما لم يقم قرينة لفظية أو حالية عليه فتدبر.