هذا ولكن الرواية الأخيرة لا تخلو عن شوب ابهام فإن المراد من الاستتمام قائما يمكن أن يكون استتمامه بعد السجود الثاني، فلو شك في ركوع الركعة السابقة لا يعتنى به، كما احتمله شيخ الطائفة (قدس الله سره الشريف).
واما احتمال إرادة الاستتمام قائما في نفس تلك الركعة فبعيد جدا لعدم تصوير وجه صحيح له، وما ذكره المحقق الأصفهاني (قدس سره) في نهاية الدراية في توجيهه من:
ان المراد انحنائه للركوع ثم استتمامه القيام مع الشك في أنه ركع أم لا فهو أمر نادر بعيد الوقوع كما لا يخفى.
هذا مضافا إلى أن القيام بعد الركوع بنفسه من الوجبات فهو من قبيل الدخول في جزء آخر من الافعال الأصلية لا من باب الدخول في مقدمة الاجزاء.
ويحتمل ورودها في كثر الشك لقوله (ع): فإنما ذلك من الشيطان - كما احتمله صاحب الوسائل بعد ذكر احتمال الشيخ.
واما الرواية الأولى فظهورها وإن كان في الهوى الذي من المقدمات الا ان حملها على آخر مراتب الهوى الذي يصل إلى حد السجود بقرينة غيرها من الروايات التي ذكرناها آنفا - لا سيما مع ذهاب المشهور إلى عدم الاعتناء بمقدمات الافعال، ليس ببعيد فتأمل.
فتحصل من جميع ذلك أن الذي يقتضيه الجمع بين روايات الباب هو عدم الاعتناء بالدخول في مقدمات الافعال عند اجراء القاعدة وانه يجب الدخول في فعل آخر اصلى.
وهذا لا ينافي ما ذكرنا آنفا من ظهور روايات القاعدة في كفاية مطلق الفراغ، وكذا التجاوز الحاصل بالدخول في فعل غيره أياما كان، لأنه لا مانع من أن يكون هذه حكما تعبديا في خصوص مورده فقد أسقط الشارع هنا حكم مقدمات الافعال ولم يعتن بها، ولا ينافي ذلك بقاء الاطلاق على حاله بالنسبة إلى سائر موارد القاعدة، ولعل الحكمة في حكم الشارع بذلك ان صورة الجزء السابق لا تنمحي عن الذهن غالبا قبل الانتقال إلى جزء آخر