في غير المقام أو يقال إن القيد هنا من قبيل القيود الغالبية فلا يفيد احتراز عن غيره، لأن الغالب في أفعال الانسان - لا سيما مثل الصلاة التي هي مورد الروايات - انه إذا خرج منها دخل في فعل آخر.
أو يقال إن التقييد بالدخول في الغير إنما هو في موارد التجاوز عن اجزاء العمل، فكل جزء شك فيه لا يعتنى به إذا دخل في غيره، وأما إذا كان الشك بعد الفراغ عن الكل فيكفي فيه مجرد الفراغ عنه. لأن التقييد بذلك إنما ورد في موارد التجاوز عن الاجزاء لا بالنسبة إلى الفراغ عن الكل.
ولا يخفى ان الخلاف الواقع في اتحاد القاعدتين وتعددهما لا دخل له بهذا التفصيل، فإنه لا ينافي وحدة القاعدتين أيضا لعدم المانع في تقييد أحد فردي عام واحد بقيد لا يجرى في سائر افراده.
هذا ولكن المحقق النائيني (قده) بنى هذه المسألة والتفصيل الذي اختار فيه على ما اختاره في أصل القاعدة من أنه ليس هناك الا قاعدة واحدة وهي قاعدة الفراغ الجارية في الافعال المستقلة، لكن الشارع المقدس نزل خصوص اجزاء الصلاة منزلة الافعال المستقلة بمقتضى حكومة الأدلة الواردة فيها عليها. فبعد هذا التنزيل تجرى القاعدة في اجزاء الصلاة فقط.
ولكن حيث إن أدلة التنزيل مقيدة بخصوص موارد الدخول في الغير، ولا مانع من تنزيل شئ مقام شئ مع قيود خاصة ليست في المنزل عليه، كان اللازم اعتبار الدخول في الغير في موارد قاعدة التجاوز دون غيرها.
هذا وقد عرفت سابقا ضعف ما اختاره من المبنى، وانه ليس في اخبار الباب من لسان التنزيل والحكومة عين ولا اثر وان جميع ما ورد في باب قاعدة التجاوز والفراغ تفرغ عن لسان واحد من دون أن يكون أحدهما ناظرا إلى الآخر وتنزيل شئ منزلة آخر.
مضافا إلى أن لفظ (الشئ) الوارد في اخبار قاعدة الفراغ عام يشمل الافعال المستقلة