ففي رواية عبد الرحمن عن أبي عبد الله (ع) الواردة فيمن اهوى إلى السجود فلم يدر أركع أم لم يركع؟ قال: قد ركع (1) وفى رواية أخرى عن فضيل بن يسار عن أبي عبد الله (ع) أيضا بعد سؤاله بقوله: استتم قائما فلا ادرى أركعت أم لا؟ قال (ع): بلى قد ركعت (2).
وفى رواية ثالثة عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله (ع) أيضا بعد سؤاله بقوله: أشك وانا ساجد فلا ادرى أركعت أم لا؟ فقال: قد ركعت امضه (3) هذا ما ظفرنا به من الروايات الخاصة المشتملة على التصريح بوقوع الفعل المشكوك ووجوده بقوله: (قد ركع) أو: (بلى قد ركعت) أو: (قد ركعت امضه) وقد نقلناها سابقا تحت الرقم 3 و 4 و 5 من الروايات الخاصة الدالة على القاعدة.
وهي شاهدة على كشف القاعدة عن الواقع وان اعتبارها إنما هو من جهة كشفها عن ذلك، لا انها مجرد حكم لرفع الحيرة والشك عند العمل من دون أن تكون ناظرة إلى الواقع وإحرازه، كما هو شأن الأصول العملية.
نسبتها مع سائر الأصول - ومن هنا لا يبقى مجال للشك في تقديمها على الاستصحاب وسائر الأصول العملية الواردة في مواردها، لتقدم الامارات عليها جميعا.
واما لو قلنا بأنها مندرجة في سلك الأصول العملية أشكل تقديمها على غيرها كالاستصحاب وشبهه.
نعم ذكر شيخنا العلامة الأنصاري في صدر كلامه في المسألة ان هذه القاعدة مقدمة على خصوص الاستصحاب (وشبهه) وان كانت من الأصول العملية، لورودها في مورده ولكونها أخص منه مطلقا، فإنه ما من مورد يجرى فيه القاعدة الا وهناك استصحاب يقتضى الفساد (انتهى ملخص كلامه).
وهذا الكلام وان ارتضاه غير واحد ممن تأخر عنه وركنوا إليه في وجه تقديم القاعدة