(ثانيها) ان المركب حيث إنه مؤلف من اجزاء، فلا محالة يكون لحاظ كل جزء بنفسه سابقا في الرتبة على لحاظ الكل، إذ في رتبة لحاظ المركب والكل يكون الجزء مند كافية، مثلا لحاظ كل حرف بنفسه مقدم على لحاظ الكلمة المؤلفة منها، كما أن لحاظ الكلمة في نفسها مقدم غلى لحاظ الآية، وهكذا بالنسبة إلى السورة والصلاة جميعا.
و (ح) كيف يمكن ان يراد من لفظ (الشئ) في قوله (كل شئ شك فيه وقد جاوزه الخ) الكل والجزء معا وبلحاظ واحد، مع أنهما مختلفان في مرتبة اللحاظ؟!
والجواب عنه:
أولا - ما مر من امكان الجمع بين اللحاظين في كلام واحد، فإن هذا الوجه أيضا يرجع في الحقيقة إلى استحالة الجمع بين اللحاظ الاستقلالي للجزء - وهو لحاظه بنفسه - ولحاظه مندكا في الكل - وهو لحاظه التبعي - في مرتبة واحدة.
وثانيا - ان ما ذكر إنما يلزم إذا لوحظ الكل والجزء تفصيلا وبهذين العنوانين، و لكن لحاظهما بعنوان اجمالي شامل لهما، كعنوان (العمل) (لا بشرط) فلا مانع منه أصلا فقوله (كل شئ الخ) في معنى قوله (كل عمل الخ) فكما يندرج (مجموع العمل) تحت هذا العنوان، يندرج (جزئه) أيضا فيه على نحو اجمالي، والحاصل ان الاشكال إنما هو في فرض ملاحظة هذين العنوانين بنفسهما، لا إذا لو خطا بعنوان عام شامل لهما.
والعجب أنه (قدس سره) مثل له باجزاء الكلمة وكلمات الآية، وآيات السورة، مع أن كثيرا من الاعلام صرحوا بشمول قاعدة التجاوز بنفسها للاجزاء واجزاء الاجزاء فإذا شك في قراءة السورة بعد مضى محلها جرت فيها القاعدة، كما أنه إذا شك في قراءة آية منها بعد مضى محلها جرت فيها أيضا، فالسورة بنفسها مشمولة لها، كما أن آية من آياتها أيضا مشمولة، فراجع (العروة) وتعليقات الاعلام عليها في مسألة الشك بعد المحل في اجزاء الصلاة.