بل يخصص بأدلة تحريم غيره عموم ذلك فكذا ههنا.
فإن تخصيص العمومات بمخصصات كثيرة ليس بعزيز بل هو أمر في أدلة الأحكام شايع وعليه استمرت طريقة الفقهاء، فغاية الامر كون أدلة نفي العسر والحرج عمومات يجب العمل بها فيما لم يظهر لها مخصص وبعد ظهوره يعمل بقاعدة التخصيص) انتهى.
ويرد عليه أولا - ان قبح تخصيص الأكثر أو التخصيص الكثير المستهجن أمر ظاهر لا يجوز ارتكابه، ولا يصح الالتزام به في كلام الشارع الحكيم، كما أن لزوم مثل هذا التخصيص في المقام مما لا ينبغي الريب فيه بعد كثرة التكاليف الحرجية التي أشرنا إليها اجمالا عند تقريب أصل الاشكال، من الواجبات المالية الكثيرة، و الجهاد الأصغر والأكبر، والحج والصيام والقصاص والحدود والديات وغيرها وما استشهد به من الآيتين على ما ادعاه من جواز التخصيصات الكثيرة قابل للمنع فإن الظاهر أن الحصر في قوله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما الخ) حصر إضافي في مقابل ما حرمه أهل الكتاب على أنفسهم وبدعهم في باب الذبائح أو غيره فتدبر. كما أن قوله تعالى (وأحل لكم ما وراء ذلكم) أيضا ظاهر في الحصر الإضافي أو محتمل له، وتمام الكلام فيه في محله.
وثانيا - ان عمومات نفى الحرج واردة في مقام الامتنان على الأمة المرحومة كما أن ظاهر روايات الباب أو صريحها انه من خصائص هذه الأمة فكيف يجوز تخصيصها بمثل هذه المخصصات الكثيرة والحال هذه؟ وكيف يكون نفى الحرج من مختصات الأمة مع اثبات أحكام حرجية كثيرة فيها؟ فإن ذلك جار في جميع الأمم.
اللهم الا ان يقال بان امتياز هذه الأمة إنما هو في قلة أحكامها الحرجية بالنسبة إلى الماضين وان كانت في نفسها كثيرة. هذا ولكن اشكال اباء هذه العمومات الواردة في مقام الامتنان عن مثل هذه التخصيصات باق بحاله.
وثالثا - ان القول بجواز تخصيص عمومات نفى الحرج بمخصصات كثيرة، يمنع عن التمسك بها رأسا لأنك قد عرفت ان النسبة بينها وبين عمومات الأدلة المثبتة للأحكام هي العموم من وجه كما عرفت، فلا وجه لتقديمها عليها عند التعارض الا بما ذكرنا من