يضع عنهم إصرهم هو مثل لثقل تكليفهم.
والمتحصل من جميع ذلك أن (الإصر) في الأصل هو الحبس والضيق وإنما يستعمل بمعنى العهد والاثم والثقل والعقوبة لمناسبات فيها مع هذا المعنى، وتفسيره في بعض - الأخبار السابقة بالشدائد (الحديث 11 مما ذكرنا) أيضا مأخوذ من هذا المعنى. فهو والحرج بمعنى واحد أو متقارب المعنى.
تنبيه - قد ظهر مما ذكرنا في معنى (العسر) و (الحرج) انهما لا يفترقان فرقا جوهريا وهل هما بمعنى واحد، أو الأول أعم من الثاني؟ ذهب المحقق النراقي (قده) في عوائده إلى الأخير حيث قال:
(العسر كما أشرنا إليه أعم مطلقا من الضيق، فإن كل ضيق عسر ولا عكس، فإن من حمل عبده على شرب دواء كريه في يوم مثلا يقال إنه يعسر عليه ولا يقال إنه في ضيق أو ضيق عليه مولاه، وكذا من يكون منتهى طاقته حمل مأة رطل، إذا أمر بحمل تسعين مثلا ونقله إلى فرسخ يقال إنه يعسر عليه ولكن لا يقال إنه في الضيق، نعم لو أمر بحمله ونقله كل يوم يقال إنه ضيق عليه، وكذا يصح ان يقال إن التوضى بالماء البارد في يوم شديد البرد مما يعسر، ولكن لا يقال إن المكلف في ضيق من ذلك) انتهى موضع الحاجة من كلامه.
ويظهر من كلامه هذا ان الحرج لا يدور مدار صعوبة العمل فحسب، - وان بلغ من الصعوبة ما بلغ - بل يعتبر فيه مضافا إلى ذلك نوع تضيق آخر على المكلف، فمثل الوضوء أو الغسل مرة واحدة بالماء البارد شديد البرودة في أشد أيام الشتاء وإن كان صعبا جدا، لكن ليس حرجيا لأنه ليس فيه ضيق على المكلف عنده، نعم لو كرر هذا العمل أياما كان ضيقا وحرجا.
وأنت خبير بان هذا المعنى مضافا إلى كونه مخالفا لفهم الأصحاب المستدلين بنفي الحرج في مقامات كثيرة لنفى ما فيه مجرد الصعوبة من التكاليف، من دون اعتبار أمر زائد عليه، مثل الضيق الحاصل من تكرار العمل، مخالف لاستدلالات الأئمة عليهم