أدلة نفي الحرج في هذا المقام، ولكن قد عرفت عدم اختصاصها به.
والظاهر أن مراد غير هؤلاء المحققين الذين قيدوا الاطلاق بما عرفت من (الشديد) أو (الفاحش) أيضا ذلك فلا خلاف بينهم فيه كما أن الظاهر انحصار مدرك المسألة المذكورة في قاعدة لا حرج.
وقد تعرض للمسألة كثير من أعاظم المتأخرين منهم المحقق اليزدي في (عروته) قال: (بل لو خاف من الشين الذي يكون تحمله شاقا تيمم) انتهى. وقرره عليه كثير من محققي المحشين وزاد بعضهم: (إذا كانت بحيث لا يتحمل عادة).
ثم لا يخفى عليك ان عدم تحمل مشقة الفعل عادة يختلف باختلاف الافعال وما يرام منها من حيث الاهتمام بشأنها وباختلاف الحالات وغيرها فتدبر جيدا.
فتحصل من جميع ذلك أن المعيار في قاعدة نفى الحرج ليس مطلق المشقة والعسر الموجودين في كثير من التكاليف الشرعية أو أكثرها بل المشقة الشديدة التي لا يتحمل عادة في مثل ذاك الفعل، وان الدليل عليه قيام قرينة مقامية على هذا التقييد كما عرفت، فليس قاعدة نفى الحرج مجملة مبهمة، كما أنه لا يلزم منه تخصيص الأكثر أو المستوعب، وسيأتي تتمة لهذا الكلام في (التنبيه الأول) من التنبيهات الآتية انشاء الله.