وإما في أنفسهم من جناية أو قتل، عمديين أو خطأ، فإن كان من الأول يجب عليه بعد التوبة بما ذكرنا تسليم نفسه وتمكينه من الاقتصاص منه، أو يعفوا الولي أو الأولياء عنه، أو يبدلون القصاص برضائهم إلى أخذ الدية. وأما لو كان خطأ فيجب عليه أن يؤدى الدية للمجني عليه إن كان حيا بعد أن يتوب، وإلا فللورثة، وإن كان عاجزا عن أداء الدية فعليه أن يستحل منهم بالتضرع والالحاح، وإن لم يحلوه مع كثرة إلحاحه وتضرعه إليهم فعليه الابتهال إلى الله، وأن يكثر من الاستغفار للمجني عليه لعل الله يعفو عنه ويرضى المجني عليه كي لا يكون في القيامة عليه تبعة، فإن الله على كل شئ قدير، فيعطى للمجني عليه ما يرضى به عنه، إذ حساب الآخرة غير حساب الدنيا، فهناك يعلم أن ما فات منه بواسطة جناية هذا الجاني في غاية، لان نعم الآخرة أبدية، وهذا الذي فات منه شئ فان داثر وإن كان الفائت حياته، لكن حياته في الدنيا لما كانت قصيرة في مقابل تلك النعم التي يعطيها الله تبارك وتعالى ليس شئ يذكر ولا يحسب بحساب، ولذلك يرضى بهذه المعاوضة والمعاملة.
وإما في أعراض الناس، أي هتك عرض مسلم، بأن قذفه وقال: فلان زان، أو فلانة زانية، أو نسب اللواط إلى الفاعل أو المفعول، أو قال: إنه سارق، أو قال: إن فلانا فاسق، أو قال: إن فلانا لا دين له، أو نسبه إلى أحد الأديان الباطلة، أو قال: إن فلانا من أهل الغيبة ويغتاب الناس، وأمثال ذلك من المخازي والمعائب، فطريق توبته بعد الندم والعزم على ترك أمثال هذه التهم، أو ولو كان في حاق الواقع صادقا لكن ليس له طريق إثبات، هو أن يكذب نفسه عندما قال له ذلك أو يقول مثلا: أنا اشتبهت الذي أنا سمعت كان غير هذا الشخص وأنا غلطت في الاسم، وأمثال هذه الاعتذارات لرفع التهمة أو المخازي عنه، أو يستحل منه ويتضرع كي يسقط حقه، أو يسلم نفسه ويمكن ذي الحق من إجراء حد القذف عليه، أو يعطيه شيئا كي يسقط حقه.