كل ذلك فيما إذا لم يترتب مفسدة على الاظهار وطلب إسقاط حقه، وأما إذا كان الاستحلال المتوقف على إظهار ما قال موجبا لفتنة، أو فساد، أو ضرر مالي غير قابل للتحمل، أو وإن كان قابلا للتحمل، فحينئذ الأحسن أن يستغفر له ويدعو له ويبتهل إلى الله أن يرضيه عنه في القيامة كي يخلص عن تبعة ما قال، والله على كل شئ قدير.
ومما ذكرنا ظهر أن الحق لو كان من جهة الخيانة مع زوجته أو أخته أو بنته أو سائر محارمه بحيث يكون الاظهار للاستحلال وإسقاط حقه موجبا لفساد عظيم بل ربما ينجر إلى القتل والقتال، فحينئذ لا يجوز الاظهار الا بالاعتراف عند الحاكم الشرعي لأجل إجراء الحد، ففي مثل هذه الحال إن أمكن تحصيل إسقاط حقه بدون وقوع مفسدة، بأن طلب إسقاط جميع ماله عليه من الحق، أي حق كان - سواء كان متعلقا بالأموال أو بالنفوس أو الاعراض بهذه العناوين العامة كي لا تقع مفسدة في البين - فيجب، وإلا فالأحسن الاستغفار له، والاحسان إليه، وإيكال أمره إلى الله والتضرع والالحاح عند الله بأن يرضيه عنه يوم تبلى السرائر وينكشف الحال، والله على كل شئ قدير.
والذي استفدت من الاخبار والأحاديث أنه إذا اتفق أمثال هذه الأمور مما يتولد من إظهاره فساد عظيم، الأحسن والأولى بل الأحوط - إن لم يكن أقوى - هو دفنها في هذا الدنيا وعدم إظهارها أبدا. نعم بينه وبين الله يتوب توبة نصوحا.
وكلما في قوته وقدرته من الطاعات والعبادات يأتي بها لصاحب الحق عوض هتك عرضه والخيانة التي صدرت منه بالنسبة إلى حرمه أو محارمه، ويبتهل إلى الله ويتضرع عنده بمقدار ما يمكنه، ويجهد ما يستطيع في أن الله يرضيه في الآخرة عنه بإسقاط حقه، وما ذلك بعزيز على الله القدير على كل شئ.
وقد بينا أن حساب الآخرة فرب شئ في الدنيا في نظره له أهمية عظيمة،