وليس في عالمهم، وهكذا الامر في سائر الفسوق.
الثاني: من جعل فسقه نصب عينيه، ودائما يتفكر ويتأسف على ما فعل ويظهر الندامة والأسف، ويحترق قلبه على تلك الخطيئة ويبكى ويتضرع إلى الله ويرجو عفو ربه الغفور ورحمته الواسعة، وأن يطهر قلبه من رجس تلك المعصية، وأن يوفقه في المستقبل للغرم وترك المعصية وبقائه واستمراره على ذلك، وأن يحفظه من شر آثارها الوضعية.
ولا شك في أن القسم الأول إذا كان طريق الكمال والترقي - بمعنى الترقي من عالم المعاشرة مع الأراذل وأصحاب الملاهي وشرب الخمر ولعب القمار ودخوله في الأخيار والزاهدين والعرفاء الشامخين - أفضل وأحسن من القسم الثاني، لأنه انعزل من ذلك العالم إلى عالم أعلى ومرتبة أكمل، كما ادعوا في بعض الكتب التي في تاريخ العرفاء الشامخين أنهم كانوا في أول الأمر من الفسقة المشهورين، كما قيل في حق بشر الحافي وغيره 1. وقالوا في ذكر حالات الشيخ أحمد جام الشيعي الاثني عشري أنه عشرين سنة كان خمارا، وبشر الحافي كان غارقا في الفسوق والملاهي، حتى مر على باب داره الإمام الكاظم عليه السلام، وببركة نصحه وإرشاده تاب بشر وبلغ ما بلغ. وعلى تقدير صحة هذه الرواية وصدقها فصار بشر عالما آخر، مضادا لذلك العالم متباينان.
هذه الحكايات غالبا ذكروها في حالات العرفاء، وأما فقهاؤنا - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين - كانوا من أول أمرهم بل من صغرهم أبرارا أخيارا، إذا ينظر الانسان في تاريخ حالاتهم لا يرى إلا الصلاح والتقوى والسداد، اللهم اجعلنا من تابعيهم في العلم والعمل.
ورأيت في عبارة بعض الأعاظم من العلماء حين ما يعبر عن أستاده يقول: قال