يلازم العزم على عدم العود بحيث لا يمكن انفكاكه عن الندم. وأما لو كان غير مقدور فلا ملازمة بينهما، بل يمكن أن يكون نادما على ما فعل ولا يتحقق منه العزم على الترك لعدم كونه فعلا اختياريا له كي يعزم لعدم القدرة على ضده، فيكون الترك ضروريا فلا يتعلق بها الإرادة والاختيار.
وقياسه على ما إذا كان الفعل ضروريا لأجل وجود المرجح والمصلحة الملزمة فيه. في غير محله. والله ولي التوفيق.
وظهر لك مما ذكرنا أن ما أفاده بعضهم في هذا المقام أن العاجز عن العود إلى مثل المعصية التي صدرت منه تتحقق توبته بالعزم على ترك ما يماثل المعصية الصادرة منه منزلة ودرجة كالقذف والسرقة وأمثالها مما هي في درجة الزنا العاجز عنه لكبر سنه أو لعارض آخر، بتخيل أن التوبة لا تتحقق إلا بالعزم والالتزام على الترك فإذا كان الفعل غير مقدور كما هو المفروض فلا تتحقق التوبة إلا بالعزم على ترك ما هو في درجته ومنزلته.
أن هذا الكلام شعر بلا ضرورة، لان التوبة تتحقق بنفس الندم على الفعل الذي صدر منه مع أنه منهي من قبل الله تعالى، بل حقيقة التوبة هي الندامة، وأما العزم على الترك من لوازمها فيما يمكن الترك اختيارا وبإرادته، وأما إذا كان لعدم القدرة على ضده - أي الفعل - فليس من لوازمه.
وأما حصول الندم فللاضرار التي تولدت من ناحية الفعل، ومثل ذلك أنه لو زنا بعاهرة فابتلي بالزهري، وبعد ذلك عجز عن الزنا، فهو وإن لم يقدر على الزنا فلا يمكنه العزم على تركه لما ذكرنا، ولكن نادم من ذلك الفعل أشد الندامة لتلك الاضرار الآتية من قبل فعله، أي ذلك المرض الخبيث الذي ربما يوجب العمي أو الجنون أو غير ذلك.
وحيث أن صدور العصيان منه يوجب البعد عن الله وعن رحمته الواسعة