الجنايات لا يصح تخصيصها بمثل هذه المذكورات، فمقتضى الأدلة العامة المملكة عدم الفرق بين الحر والعبد في صيرورة المال ملكا له، غاية الأمر للمولى منع العبد عن التصرف في أمواله، وأن العبودية أحد أسباب الحجر، وأن المراد من قوله تعالى (لا يقدر على شئ) عدم استقلاله في شئ من تصرفاته، وأنها لا تنفذ بدون إذن سيده، وإن ادعى بعضهم من بعض موارد استدلال الإمام عليه السلام بهذه الآية نفي ملكية العبد، كصحيح محمد بن مسلم، سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل ينكح أمته من رجل، أيفرق بينهما إذا شاء؟ فقال: " إن كان مملوكه فليفرق بينهما إذا شاء، إن الله تعالى يقول: (عبدا مملوكا لا يقدر على شئ) 1. فليس للعبد شئ من الامر " 2.
فهذا يدل بعمومه على نفي الملكية أيضا، فقوله عليه السلام " ليس للعبد شئ من الامر " لا يلائم مع ثبوت الملكية له، لان الملكية لو ثبتت له لكان له شئ، فإن الملكية شئ وأي شئ، والإمام عليه السلام يستدل على كون شئ له بهذه الجملة، أي جملة (لا يقدر على شئ).
ولكن أنت خبير بأنه لو كان كلامه تعالى " ليس له شئ " كان لهذا الكلام مجال، لان المال والملك شئ يقينا، ولكنه تعالى قال (لا يقدر على شئ)، ومن الواضح الجلي أن عدم التسلط على التصرف في الشئ غير عدم نفس الشئ، ومفاد الآية هو الأول والمدعى هو الثاني.
وأما كلامه عليه السلام أيضا ليس نفي الشئ كي يشمل بعمومه الملكية، بل يقول عليه السلام " ليس للعبد شئ من الامر "، وهذه العبارة ظاهرة في نفي التصرف، لا نفي أصل الشئ.