لأن الأصل عدمه، (و) إن اختلفا (في قدره) أي الجعل، (أو) اختلفا في قدر (المسافة) بأن قال الجاعل: جعلت ذلك لمن رده من عشرة أميال، فقال العامل: بل من ستة أميال مثلا (فقول جاعل) لأنه منكر لما يدعيه العامل زيادة عما يعترف به. والأصل براءته منه وكذا لو اختلفا في عين العبد الذي جعل العوض في رده (ومن عمل لغيره عملا بغير جعل فلا شئ له) لأنه بذل منفعته من غير عوض فلم يستحقه، ولئلا يلزم الانسان ما لم يلتزمه ولم تطب نفسه به (1) (إن لم يكن) العامل (معدا لاخذ الأجرة، فإن كان) معدا لذلك (كالملاح، والمكاري، والحجام، والقصار، والخياط، والدلال، ونحوهم) كالنقاد والكيال والوزان وشبههم (ممن يرصد نفسه للتكسب بالعمل وأذن له) المعمول في العمل (فله أجرة المثل) (2) لدلالة العرف على ذلك. (وتقدم معناه في الإجارة إلا في تخليص متاع غيره من بحر، أو فم سبع، أو فلاة، ولو) كان المخلص (عبدا فله) أي العامل (أجرة مثله) وإن لم يأذن له ربه لأنه يخشى هلاكه وتلفه على مالكه بخلاف اللقطة. وكذا لو انكسرت السفينة فخلص قوم الأموال من البحر. فتجب لهم الأجرة على الملاك لأن فيه حثا وترغيبا في إنقاذ الأموال من الهلكة.
فإن الغواص إذا علم أن له الأجرة غرر بنفسه وبادر إلى التلخيص بخلاف ما إذا علم أنه لا شئ له (وإلا في رد آبق من قن، ومدبر، وأم ولد إذا كان) الراد (غير الامام فله ما قدره الشارع دينار، أو اثني عشر درهما) روي عن عمر وعلي وابن مسعود. وروى ابن أبي مليكة وعمرو بن دينار مرسلا أن النبي (ص) جعل في رد الآبق إذا جاء به خارجا من الحرم دينارا والمعنى فيه الحث على حفظه على سيده وصيانة العبد عما يخاف من لحاقه بدار الحرب والسعي في الأرض بالفساد. ونقل ابن منصور: سئل أحمد عن جعل الآبق؟ فقال: لا أدري. قد تكلم الناس فيه. لم يكن عندي فيه حديث صحيح. وعلى الأول فإن رده الامام فلا شئ له في رده نصا لانتصابه للمصالح، وله حق في بيت المال على ذلك (سواء رده)