تجب قسمته بطلب بعض الشركاء (قسمة إجبار) (1) لقوله (ص): الشفعة فيما لم يقسم. فإذا وقعت الحدود فلا شفعة رواه الشافعي. ولقوله (ص): الشفعة في كل ما لم يقسم. فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة (2) رواه أبو داود. فإن قيل: إنما نفى الشفعة بصرف الطرقات. وهي للجار غير مصروفة. أجيب: بأن الطرقات التي تنصرف بالقسمة مختصة باستطراق المشاع الذي يستطرق به الشريك ليصل إلى ملكه. فإذا وقعت القسمة انصرف استطراقه في ملك شريكه. وأما غيره من الطرقات المستحقة فلا تنصرف أبدا، (فأما المقسوم المحدود فلا شفعة لجاره فيه) لما تقدم وأما حديث: الجار أحق بصقبه (3) رواه البخاري، وأبو داود. قال في القاموس: أي بما يليه ويقرب منه. وحديث: جار الدار أحق بالدار (4) رواه الترمذي وقال حسن صحيح. وحديث: الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها إذا كان غائبا وإذا كان طريقهما واحدا (5) رواه الترمذي وحسنه فقد أجيب عن الأول بوجهين.
أحدهما: إنه أبهم الحق ولم يصرح به. فلم يجز أن يحمل على العموم. والثاني: إنه محمول على أنه أحق بالفناء الذي بينه وبين الجار ممن ليس بجار، أو يكون مرتفقا به.
وعن الثاني: بأن الحسن رواه عن سمرة. وأهل الحديث اختلفوا في لقاء الحسن له ومن أثبت لقاءه إياه قال: إنه لم يرو عنه إلا حديث العقبة. ولو سلم لكان عنه الجوابان المذكوران وعن الثالث: بأن شعبة قال: سمي فيه عبد الملك بن سليمان الذي الحديث من روايته وقال الإمام أحمد: هذا الحديث منكر. وقال ابن معين: لم يروه غير عبد الملك.
وقد أنكر عليه. ثم يحتمل أن المراد بالجار في الأحاديث: الشريك، فإنه جار أيضا، لان اسم الجوار يختص بالقريب. والشريك أقرب من اللصيق. فكان أحق باسم الجوار. وقد أطلقت العرب على الزوجة جارة لقربها. قال الأعشى: أجارتنا بيني فأنت طالقة (ولا) شفعة (في طريق نافذ) لقوله (ص): لا شفعة في فناء ولا في طريق ولا مثقبة رواه أبو عبيد