فخرج الأصحاب ذلك على وجوه كلها ضعيفة. فبناه ابن (1) عقيل على صحة تصرف الغاصب وتوقفه على الإجازة. وتبعه في (2) المغني، وبناه في التلخيص على أنها صحيحة لا تتوقف على الإجازة، لأن ضرر الغصب يطول بطول الزمان. فيشق اعتباره. وخص ذلك بما طال زمنه وحمله القاضي في بعض كتبه على أن الغاصب اشترى في الذمة، ثم نقد فيه دراهم الغصب. وصرح بذلك أحمد في رواية المروزي. فيحمل مطلق كلامه على مقيده، وحمله ابن رجب في فوائد القواعد على أن النقود لا تتعين بالتعيين فيصير كما لو اشترى في ذمته. وحمله في المبدع على ما إذا تعذر رد المغصوب إلى مالكه ورد الثمن إلى المشتري (وإن اشترى) الغاصب أو غيره (في ذمته، ثم نقدها) أي عين المال المغصوب أو ثمنها (ولو من وديعة عبده، أو قارض بهما) أي بالوديعة والغصب (ولو) كان الشراء (بغير نية نقده) أي الثمن من الغصب، أو الوديعة، (فالعقد) أي الشراء (صحيح) لأنه تصرف في ذمته، وهي قابلة له، (والاقباض فاسد، أي غير مبرئ) لعدم إذن المالك فيه، (والربح، والسلع) في المضاربة وغيرها (المشتراة للمالك) لقول ابن عمر: ادفع إليه دراهمه بنتاجها ولم يستفصل عن عين، أو ذمة. قال الحارثي: وهذا القول يستلزم سلامة العقد للمالك. وفيه بحث. فإن العقد إذا صح لكونه واقعا في ذمة العاقد فكيف يحصل لمن لم يقع في ذمته؟ ومأخذ الصحة في أشهر الوجهين، أنه نتيجة ملكه. فكان كالمتولد من عينه. وهذا قضاء بالدخول في الملك قهرا، كدخول الميراث بالإرث لا في العامل. ولا في غيره فيها. وليس على المالك شئ من أجر العامل لأنه لم يأذن له، ثم إن كان المضارب عالما بالغصب فلا أجرة له لتعديه بالعمل. وإن لم يعلم فعلى الغاصب أجرة مثله، لأنه استعمله بعوض لم يسلم له.
فلزمته أجرته كالعقد الفاسد، (وإن لم يبق درهم مباح) أي ومن لم يقدر على شئ مباح (أكل