* قال المصنف رحمه الله تعالى * * (وإذا أراد الرجوع بالأرش قوم المبيع بلا عيب فيقال قيمته مائة ثم يقوم مع العيب فيقال قيمته تسعون فيعلم أنه قد نقص العشر من بدله فيرجع على البائع بعشر الثمن ولا يرجع بما نقص من قيمته لان الأرش بدل عن الجزء الفائت ولو فات المبيع كله رجع على البائع بجميع الثمن فإذا فات قدر العشر منه رجع بعشر الثمن كالجزء لما ضمن جميعه بالدية ضمن الجزء منه بجزء من الدية ولأنا لو قلنا إنه يرجع بما نقص من قيمته أدى إلى أن يجتمع الثمن والمثمن للمشترى فإنه قد يشترى ما يساوى مائة بعشرة فإذا رجع بالعشرة رجع جميع الثمن إليه فيجتمع له الثمن والمثمن وهذا لا يجوز) * * * (الشرح) * قد تقدم تفسير الأرش وانه جزء من الثمن نسبته إليه نسبة ما ينقص العيب من المبيع لو كان سليما إلى تمام القيمة وبيان ذلك بالمثال الذي ذكره المصنف هنا وبه مثل الشافعي رحمه الله فان الذي نقصه العيب من المبيع السليم عشرة فيرجع بعشر الثمن فالقيمة معتبرة للنسبة خاصة ولا فرق عند الأصحاب بينه وبين ضمان الغصب والسوم والجناية بأنا إذا ضمنا في هذه المواضع ما نقص من القيمة لا يلزم الجميع بين البدل والمبدل وفى الأرش يلزم الجمع بين الثمن والمثمن قال الشيخ أبو حامد أنه معنى كلام الشافعي والمعنى الأول قاله الأصحاب الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب وغيرهما وقدموه في الذكر كما فعل المصنف فان فيه بيان المعنى الذي لأجله كان كذلك فيحصل به الشفاء أكثر ولكن فيه بحث فان قول المصنف بدل عن الجزء الفائت أي الذي اقتضاه العقد ولم يسلمه البائع (وقوله) ولو فات المبيع كله أي تحت يد البائع قبل التسليم كذلك قاله القاضي أبو الطيب صريحا وهو ظاهر وإذا كان كذلك فقد يقال إن هذا المعنى يقتضى جواز الرجوع إلى الأرش وإن لم يمنع الرد وطلب الأرش عند امكان الرد غير سائغ بل قد يقال إنه كان ينبغي على هذا المعنى أن يتعين الرجوع إلى الأرش ولو أراد المشترى الرد أو الرضى بالعيب كما أنه إذا فات بعض المبيع قبل القبض أو كله سقط ما يقابله من الثمن سواء أرضى المشترى أم لا وكما أنه إذا أخبر في المرابحة انه اشترى بمائة وكان بتسعين فانا نحكم بسقوط الزيادة وحصتها من الربح على أظهر القولين ولأجل ذلك والله أعلم * قال الامام في باب المرابحة عند الكلام في كذب المشترى بالزيادة أن الأرش المسترجع وإن كان جزءا من الثمن فاسترجاعه انشاء نقص في جزء من الثمن والدليل عليه أن المبيع إذا رد على معيب فموجب العيب الرد ولا يجوز الرجوع إلى الأرش مع القدرة على الرد فكان الأرش بدل عن الرد وإذا تعذر ولا ينتظم عندنا إلا
(٢٥١)