* قال المصنف رحمه الله تعالى * * (وان اشتري شيئا فتبين انه غبن في ثمنه لم يثبت له الرد لما روى أن حبان بن منقد كان يخدع في البيع فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا بعت فقل لا خلابة ولك الخيار ثلاثا ولم يثبت له خيار الغبن ولأن المبيع سليم ولم يوجد من جهة البائع تدليس وإنما فرط المشترى في ترك الاستظهار فلم يجز له الرد) * * * (الشرح) * هذا الحديث قد ذكره المصنف في أول كتاب البيوع فيكتفى بهما تقدم من كلام النووي عليه والأصح ان الذي كان يخدع منقد والد حبان والحديث صحيح في الجملة ومعنى لا خلابة لا غبن ولا خديعة وجعلها الشرع لاثبات الخيار إذا قالها ثبت الخيار صرح باشتراطه أولا وقوله صلى الله عليه وسلم ولك الخيار اعلام منه بثبوت الخيار (وقوله) ولم يثبت له خيار الغبن من كلام المصنف وليس من الحديث ووجه الدلالة منه ظاهر لأنه لو كان يثبت الخيار بالغبن لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحتج ان يعد اشتراط خيار الثلاث أو ان يجعل له الخيار ثلاثا بقوله لا خلابة وقد ورد انه خيار كان إذا اشتري فرجع به فيقبلوه ردده فإنك قد غبت أو عسيت فيرجع إلى بيعه فيقول خذ سلعتك ورد دراهمي فيقول لافعل قد رضيت فذهبت به حتى يمر الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعله بالخيار فيما يبتاع ثلاثا فترد عليه دراهمه ويأخذ سلعته فلو كان الخيار ثابتا بالغبن لكل أحد لم يكن الخيار خصوصية بذلك فظاهر قضية حبان انه كان بالخيار ثلاثا سواء عين أو لم يعين وهل ذلك خاص به لان النبي صلى الله عليه وسلم جعله بالخيار أو هو ثابت بالشرط كما هو في حق غيره مساق هذه القصة التي حكيتها يشعر بالأول فإنه لو عرف البائع شرط الخيار لم يخالفه والى ذلك ذهب بعضهم وقيل إن ذلك بالشرط وهو عام له ولغيره وكيف ما كان فالدلالة منه ظاهرة في عدم ثبوت الخيار بالغبن وما ذكره المصنف من المعنى ظاهر أيضا فان المبيع لا عيب فيه ولا تدليس لان الفرض كذلك فانتفى موجب الخيار وقال أصحابنا لا يثبت الخيار بالغبن سواء أتفاحش أم لا * وان اشترى زجاجة بثمن كثير وهو يتوهمها جوهرة فلا خيار له ولا نظر إلى ما يلحقه من الغبن لان التقصير منه حيث لم يراجع أهل الخبرة ونقل المتولي وجها شاذا انه كشراء الغائب ويجعل لرؤية التي لا تفيد المعرفة ولا تنفى الغرر كالمعدومة قال أصحابنا وثبوت الخيار في المعيب للنقص لا للغبن ولهذا لو كان مع العيب يساوى
(٣٢٦)