* (الشرح) * هذه الحالة الرابعة من أحوال رد المصراة وهي إذا أراد ردها بعد الحلب واللبن باق وهذا على قسمين (أحدهما) أن يكون قد حمض وتغير فلا خلاف أن البائع لا يكلف أخذه (والثاني) أن لا يكون كذلك وهي صورة الكتاب ففيها وجهان (أصحهما) وهو قول أبى إسحاق أنه لا يجب على البائع أخذه لما ذكره المصنف رحمه الله وفيه تنبيه على أنه ليس من شرط المسألة أن يأتي عليه زمان بل لو كان عقب الحلب لم يجب أخذه لأنه صار يسرع إليه التغيير فنقص عما كان في الضرع وقول المصنف رحمه الله بعد ذلك فلا يجبر على أخذه تأكيد لأنه قد ذكر ذلك أولا ويمكن تعليل هذا الوجه أيضا بأن اللبن الموجود عند العقد الذي يستحق بدله اختلط باللبن الحادث المختص بالمشتري فإذا سمح به لا يجبر البائع على قبوله وهذا قد يخدشه الخلاف المذكور في الاخبار في مسألة اختلاط الثمار ومسألة النعل ومسألة الحنطة المختلطة فيكون الاقتصار على العلة الأولى أولى (وقد يقال) أنه لا يصار إلى الاخبار في المسائل المذكورة إلا للضرورة ألا ترى أن النعل إذا لم يكن نزعه معيبا فلم ينزعه لا يجب قبوله وههنا لا ضرورة تدعو إلى قبول اللبن لامكان رد التمر الذي قدره الشرع وممن صحح هذا الوجه ابن أبي عصرون والرافعي رضي الله عنهما وقال الروياني في البحر إنه الأصح عند جمهور أصحابنا وبه جزم الماوردي (والوجه الثاني) أنه يجب على البائع قبوله ويجبر عليه لما ذكره المصنف والاعتذار بكون ذلك لاستعلام العيب وهو الذي ذكره القاضي أبو الطيب مستمر على الأظهر من القولين في تلك المسألة كأنه إذا كسر منه قدر ما يفرق به العيب يرده قهرا وقاسوه على مسألة المصراة هذا والقول الثاني في تلك المسألة بمسألة المصراة التي قاسوا عليها رد الشاة بدون اللبن فإنه جائز قولا واحد مع النقصان الذي حصل فيها بالحلب لأجل أن ذلك لاستعلام عيب الشاة وليس مرادهم مسألة اللبن التي فيها إذ لا يحسن تخريج قول على وجه وحينئذ فمسألة اللبن هذه فرد من أفراد تلك المسائل المسندة إلى رد المصراة بعد نقصها بالحلب (الثاني) أنه إذا كان النقص الذي يستقل به العيب غير مانع على الأظهر من القولين في تلك المسائل وبلا خلاف في رد الشاة نفسها بعد الحلب فلم لا كان هنا في رد اللبن كذلك؟ ولم حكم الجمهور
(٨٠)