في جريان الخلاف المذكور وما الداعي إلى أن يجعله كالذي لم يزل أو كالذي لم يعد ونحن نقطع بأنه زال وعاد فلا جرم كانت طريقة الجمهور أقوم وأدخل في المعنى ويحتمل أن يكون البناء الذي ذكره الامام مختصا بالتفريق على اعتبار اليأس أي إن قلنا العلة استدراك الظلامة لم يردوا إن قلنا العلة اليأس تبنى على الزائل العائد وعلى الجملة الصحيح جواز الرد وخالف الغزالي في الخلاصة فجعل الصحيح المنع * * (فرع) * اعلم بأنا إذا قلنا الزائل العائد كالذي لم يعد كما صححه الغزالي لم يبق لنا بعد بيع المشترى الأول طريق يتوقع بها العود والرد الا أن يرد المشترى الثاني فان فرض اطلاعه على ذلك العيب ورضاه انسد طريق الرد وحينئذ يتعين وجوب الأرش عند القائلين باعتبار اليأس كما قال الغزالي لكنه عمم مع رضى الثاني ودونه وكلا الامرين ضعيف لأنا نمنع أن الزائل العائد كالذي لم يعد وأما الماوردي رحمه الله فإنه قال إذا رضى البائع بالعيب يستقر سقوط الأرش والرد وهذا إنما يستقيم على قول أبي إسحاق أما على الصحيح فلا يستقيم سقوط الرد وعلى رأى الامام والغزالي لا يستقيم سقوط الأرش وقد ذكرت ذلك على الماوردي فيما مضى وذكرت له تأويلا * * قال المصنف رحمه الله تعالى * * (فإن لم يعلم بالعيب حتى وهبه من غيره فإن كان بعوض فهو كالبيع وقد بيناه) * * (الشرح) هذا بين لا اشكال فيه إلا أن الهبة بعوض بيع وحينئذ تأتى فيها الأقسام والأحكام المذكورة كلها وقول المصنف وهبه من غيره قال النووي رحمه الله في تهذيب اللغات وأما قول الغزالي وغيره في كتب الفقه وهبت من فلان كذا فهو مما ينكر على الفقهاء لادخالهم لفظة من وإنما الجيد وهبت زيدا مالا ووهبت له مالا * قال وجوابه ان ادخال من هنا صحيح وهي زيادة وزيادتها في الواجب جائزة عند الكوفيين من النحويين وعند الأخفش من البصريين وقد روينا أحاديث منها وهبت منه كذا * * قال المصنف رحمه الله تعالى * (وان وهبه بغير عوض لم يرجع بالأرش لأنه لم ييأس من الرد) * * (الشرح) * هذا هو الصحيح تفريعا على أن المعتبر اليأس أما إذا عللنا باستدراك الظلامة فيرجع بالأرش لأنه لم يستدرك ومنهم من حكى القطع هنا بعدم الرجوع إذا أريد به أن العلة هي اليأس لاستدراك الظلامة وهذه الطريقة هي التي يشعر بها ايراد المصنف وبين ذلك أن القاضي أبا الطيب جزم بعدم الرجوع وعلله بعدم اليأس كما فعل المصنف ثم قال والتعليل الذي ذكره أبو إسحاق وهو
(٣٠٢)