الرجوع وتعليله بأنه متبرع بغرامة الأرش ولا ينافي هذا قوله بأن العلة عدم استدراك الظلامة لأنه إذا جعله بغرامة الأرش متبرعا كما صرح به الرافعي عنه فاستدراك الظلامة باق لا يرتفع بتبرعه * وأما القول بالرجوع المقابل لقول ابن الحداد في جعله متبرعا وان وافقه في أصل العلة وأما على القول بأن العلة في الرجوع اليأس فإن كان المراد اليأس من الرد على سبيل الالزام فان اليأس هنا غير موجود لما قاله الشيخ أبو علي من امكان ارتفاع الحادث وعوده إليه فيمكن من رده بالالزام حينئذ وربما يعود إليه مع العيب الحادث ورضى البائع بقبوله فيتمكن المشترى من الرد على سبيل المراضاة وهو الذي وجب له ابتداء على رأى الرافعي فامكان الزام الرد موجود إن كان هذا الامكان معتبرا لاحتمال ارتفاع الحادث وعوده وامكان الرد بالتراضي موجود باحتمال عوده فلم جعل الرافعي هنا الأصح أنه يرجع بالأرش وسكت عن قول الشيخ أبى على ثم قوله عن الشيخ أبى على إنه على الوجهين لا يرجع ما لم يغرم للثاني هذا إنما يظهر على التعليل باستدراك الظلامة أما إذا عللنا باليأس فليس لقرابته للثاني أثر فان امكان الرد بالتراضي لا ينقطع بها وامكان الرد بالالزام مع العيب الحادث ليس ممكنا قبلها وعلى تقدير ارتفاع العيب الحادث يمكن قبلها وبعدها فلا معنى لتقييد ذلك على اعتبار اليأس بالقرابة بل ينبغي إن كان له الرجوع رجع مطلقا وان لم يكن له الرجوع لم يرجع مطلقا وقد صحح أنه له الرجوع فليرجع وان لم يغرم على اعتبار اليأس وكلام الشيخ أبى حامد والقاضي أبى الطيب في تعليقهما يقتضى باطلاقه أنه إذا حصل به نقص عند الثاني فللأول الرجوع بالأرش على اعتبار اليأس وهذا مما يدل على أن الوجهين المذكورين عن ابن الحداد وغيره مفرعان على قولنا إن العلة استدراك الظلامة وعلى ذلك يصح قول الشيخ أبى على إنه على الوجهين لا يرجع ما لم يغرم أي على هذين الوجهين المفرعين على الوجه الضعيف لكن الذي ذكره أولا من البناء مشكل وظاهر كلام الشيخ أبى على أن الصحيح عنده امتناع الرجوع إن كان يوافق الأكثرين على التعليل باليأس وهو مخالف لما قاله المصنف وغيره من العراقيين والذي قالوه هو الصحيح بناء على ما قدمته عن الأصحاب أن الواجب عند حدوث العيب هو الأرش ابتداء فإنه يقتضى وجوب الأرش هنا مطلقا غرم أو لم يغرم وأما على ما تقدم عن الرافعي وصاحب التهذيب أن الواجب الرد إلا أن يمتنع البائع فينتقل إلى الأرش فيظهر أنه لا يرجع مطلقا غرم أو لم يغرم حتى يحصل اليأس * وأعلم أن تعليل المصنف والأصحاب الذين ذكرتهم موافقين له في هذه المسألة بالبأس يبين لنا أن المراد اليأس عن الرد على سبيل الالزام وأن توقع زوال العيب الحادث غير معتبر * * (فرع) * هذا الذي ذكرناه كله ما دام المبيع باقيا أما لو تلف بعد حدوث العيب أو دونه فاخذ الثاني الأرش من الأول رجع الأول على بائعه بلا خلاف
(٢٩٩)