الأرش الا الطالب الجازم وأما إذا كان العيب قريب الزوال كالصداع والحمى والرمد والعدة التي لزمتها من وطئ شبهة ففي جواز التأخير قولان أو وجهان مذكوران في طريقة الخراسانيين عبر عنها البغوي بقولين والغزالي بوجهين (أحدهما) يعذر بالتأخير وله انتظار زواله ليرده سليما عن العيب الحادث من غير أرش (والثاني) لا كغيره من العيوب وعلله الغزالي بقدرته على طلب الأرش (فان قلت) هذان الوجهان يدلان على أنه فيما ليس قريب الزوال لا يعذر في التأخير قطعا ويكون الاعلام لطلب الرد والأرش على الفور وهو ما قاله الرافعي قلت يحتمل ذلك ويحتمل أن يكون هذان الوجهان في أن له الرد بعد ذلك وان ذلك عذر في تأخير الرد أم لا فان جعلناه عذرا كان بعد زواله الرد واسترجاع جميع الثمن وان لم نجعله عذرا تعين حقه في الأرش والاحتمال الأول أقرب إلى كلام الغزالي وعليه جرى الرافعي فان الغزالي صرح على قولنا أن لا يعذر أنه أبطل حقه وظاهر ذلك بطل حقه من الرد والأرش جميعا فيقتضى أن طلب الأرش على الفور فهم ابن الرفعة من كلام الغزالي أن الوجهين في تأخير طلب المشترى الرد مع بدل الأرش ثم قال إنه لا يبعد جريان مثلهما فيما إذا قلنا إن حقه في طلب الأرش عن العيب القديم فاخر طلبه إلى زوال الحادث وبه صرح في الشامل في نظير ذلك إذا علم عيب الجارية بعدما حملت والحمل ينقصها يرجع لأرش وقيل للمشترى أمسكها حتى تضع ويردها وقد تقدم ذلك والذي أفهمه أن المسألة واحدة متى وجد عيب قديم وعيب جديد منتظر الزوال جرى الوجهان في جواز التأخير إلى الرد من غير أرش أو طلب الأرش الآن لكن هل تتعين الفورية في طلبه أولا فيه ما سلف عن الغزالي والرافعي من وجوب الفورية وعن غيرهما من عدمها ولا فرق بين طلب الرد مع بدل الأرش وبين طلب الأرش بخلاف ما أفهم كلام ابن الرفعة من أنهما مسألتان * نعم يلتف ذلك على البحث الذي تقدمت الإشارة إليه هل حق المشترى أولا في الرد أو في طلب الأرش (فان قلنا) بالأول يظهر الخلاف في كون التأخير بهذا السبب عذرا أولا (وان قلنا) بالثاني يظهر سقوط حقه من الرد ويعين الأرش الا برضى البائع ولا تشترط الفورية هذا ما يتضح عندي في ذلك والله عز وجل أعلم * والوجه الذي حكاه صاحب الشامل معناه أنه يؤخر طلب الأرش ويرد بعد الوضع وأما تأخير طلب الأرش وحده بعد امتناع البائع من الرد فجائز قطعا ولا يجب المبادرة إلى أخذ الأرش ولذلك صرح صاحب التهذيب بان أخذ الأرش لا يكون على الفور بل متى شاء أخذ وكذلك صاحب التتمة *
(٢٣١)