حديثه الطويل والله أعلم * (وقوله) يوم التروية هو بفتح التاء المثناة وهو اليوم الثامن من ذي الحجة سمي بذلك لأنهم كانوا يتروون بحمل الماء معهم من مكة إلى عرفات وسبق بيانه مرات ويسمى يوم التروية يوم النقلة أيضا لان الناس ينقلون فيه من مكة إلى منى (واما) نمرة فبفتح النون وكسر الميم ويجوز اسكان الميم مع فتح النون وكسرها فتصير ثلاثة أوجه كما سبق مرات في نظائرها ونمرة موضع معروف بقرب عرفات خارج الحرم بين طرف الحرم وطرف عرفات والله أعلم * (أما) الأحكام ففيها مسائل (إحداها) قال أصحابنا إذ فرغ المحرم من السعي بين الصفا والمروة فإن كان معتمرا متمتعا أو غير متمتع فيحلق رأسه أو يقصره فإذا فعل صار حلالا تحل له النساء وكل شئ كان حرم عليه بالاحرام سواء كان متمتعا أو معتمرا غير متمتع سواء ساق هديا أم لا ولا خلاف في هذا كله عندنا وقد قدمت مذاهب العلماء في ذلك في الباب الأول من كتاب الحج فإن كان المعتمر متمتعا أقام بمكة حلالا يفعل ما أراد من الجماع وغيره فان أراد أن يعتمر تطوعا كان له ذلك بل يستحب له ذلك * ويستحب له الاكثار من الاعتمار وقد سبقت المسألة بدلائلها ومذاهب العلماء فيها في الباب الأول من كتاب الحج * فإذا كان يوم التروية أحرم من مكة بالحج وكذا من أراد الحج من أهل مكة يحرم به يوم التروية سواء كان من المستوطنين بها أم الغرباء وقد سبق بيان هذا واضحا في باب مواقيت الحج * وإن كان الذي فرغ من السعي حاجا مفردا أو قارنا فان وقع سعيه بعد طواف الإفاضة فقد فرغ من أركان الحج كلها وأنما بقي عليه المبيت بمنى ورمى أيام التشريق * وان وقع سعيه بعد طواف القدوم فليمكث بمكة إلى وقت خروجهم إلى منى فإذا كان اليوم السابع من ذي الحجة خطب الامام بعد صلاة الظهر عند الكعبة خطبة فردة وهي أول الخطب الأربع المشروعة في الحج ويأمر الناس في هذه الخطبة بان يتأهبوا إلى الذهاب إلى منى في الغد وهو اليوم الثامن من ذي الحجة المسمى يوم التروية ويعلمهم المناسك التي بين أيديهم إلى الخطبة الثانية المشروعة يوم عرفة بنمرة فيذكر أن السنة أن يخرجوا غدا قبل الزوال أو بعده كما سنوضحه قريبا ان شاء
(٨١)