أولا (ومنها) تفويت طواف القدوم وتفويت تعجيل السعي وزيارة الكعبة وكثرة الصلاة بالمسجد الحرام وحضور خطبة الامام في اليوم السابع بمكة والمبيت بمنى ليلة عرفة والصلاة بها والنزول بنمرة وحضور تلك المشاهد وغير ذلك مما سنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى (الثالثة) يستحب إذا وصل الحرم أن يستحضر في قلبه ما أمكنه من الخشوع والخضوع بظاهره وباطنه ويتذكر جلالة الحرم ومزيته على غيره قال جماعة من أصحابنا يستحب أن يقول اللهم إن هذا حرمك وأمنك فحرمني على النار وآمني من عذابك يوم تبعث عبادك واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك (الرابعة) قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى يستحب له دخول مكة من ثنية كداء التي بأعلى مكة وهي - بفتح الكاف - والمد كما سبق ومنها يتجرد إلى مقابر مكة وإذا خرج راجعا إلى بلده خرج من ثنية كدا - بضم الكاف - وبالقصر وهي بأسفل مكة بقرب جبل قعيقعان والى صوب ذي طوى قال بعض أصحابنا ان الخروج إلى عرفات يستحب أيضا أن يكون من هذه السفلى (واعلم) أن المذهب الصحيح المختار الذي عليه المحققون من أصحابنا أن الدخول من الثنية العليا مستحب لكل محرم داخل مكة سواء كانت في صوب طريقه أم لم تكن ويعتدل إليها من لم تكن في طريقه وقال الصيدلاني والقاضي حسين والفوراني وإمام الحرمين والبغوي والمتولي إنما يستحب الدخول منها لمن كانت في طريقه (وأما) من لم تكن في طريقه فقالوا لا يستحب له العدول إليها قالوا وإنما دخل النبي صلى إليه عليه وسلم اتفاقا لكونها كانت في طريقه * هذا كلام الصيدلاني وموافقيه واختاره امام الحرمين ونقله الرافعي عن جمهور الأصحاب وقال الشيخ أبو محمد الجويني ليست العليا على طريق المدينة بل عدل إليها النبي صلى الله عليه وسلم متعمدا لها قال فيستحب الدخول منها لكل أحد قال ووافق امام الحرمين الجمهور في الحكم ووافق أبا محمد في أن موضع الثنية كما ذكره * وهذا الذي قاله أبو محمد من كون الثنية ليست على نهج الطريق بل عدل إليها هو الصواب الذي يقضي به الحس والعيان فالصحيح استحباب الدخول من الثنية العليا لكل محرم قصد مكة سواء كانت في صوب طريقه أم لا وهو ظاهر نص الشافعي في المختصر ومقتضى اطلاقه فإنه قال ويدخل المحرم من ثنية كدا ونقله صاحب البيان عن عامة الأصحاب *
(٥)