يأتي عرفات فان أراد التزام الحج وعبر عنه بحضور عرفات أو نوى أن يأتيها محرما انعقد نذره بالحج فإن لم ينو ذلك لم ينعقد نذره لان عرفات من الحل فهي كبلد آخر وفيه وجه لأبي علي بن أبي هريرة أنه لو نذر أن يأتي عرفات يوم عرفات لزمه أن يأتيها حاجا * وقيد المتولي هذا الوجه بما إذا قال ذلك يوم عرفات بعد الزوال * وقال القاضي حسين يكفي في لزوم ذلك أن يحضر له حضورها يوم عرفة وربما قال بهذا الجواب على الاطلاق والمذهب ما قدمناه وبه قطع جماهير الأصحاب * ولو قال لله علي أن آتي مر الطهران أو بقعة أخرى قريبة من الحرم لم يلزمه شئ بلا خلاف * قال أصحابنا وإذا التزم الاتيان إلى الكعبة فسواء التزمه بلفظ المشي والآتيان والانتقال والذهاب والمضي والمصير والمسير ونحوها * ولو نذر أن يمس بثوبه حطم الكعبة فهو كما لو نوى اتيانها والله أعلم * (أما) إذا نذر أن يأتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو المسجد الأقصى ففي لزوم إتيانها قولان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما (قال) في البويطي يلزم (وقال) في الاملاء لا يلزم ويلغوا النذر وهذا هو الأصح عند أصحابنا العراقيين والروياني وغيرهم * قال أصحابنا فان قلنا بالمذهب أنه يلزمه إتيان المسجد الحرام بالتزامه قال الصيدلاني وغيره ان حملنا النذر على أقل واجب الشرع لزمه حج أو عمرة وهذا هو نص الشافعي رحمه الله في المسألة وهو المذهب (وان قلنا) لا يحمل على أقل واجب الشرع بني علي أصل آخر وهو أن دخول مكة هل يوجب الاحرام بحج أو عمرة وفيه قولان سبقا (أصحهما) لا يوجب (فان قلنا) يوجبه فإذا أتاه لزمه حج أو عمرة (وان قلنا) لا فهو كمسجد المدينة والأقصى ففيه القولان في أنه هل يلزمه إتيانه وإذا لزم فتفريعه كتفريع المسجدين كما سنوضحه إن شاء الله تعالى (أما) إذا أوجبنا إتيان مسجد المدينة والأقصى فهل يلزمه مع الاتيان شئ آخر فيه وجهان (أحدهما) لا إذ لم يلتزمه (وأصحهما) نعم لان الاتيان المجرد ليس بقربة وإنما يقصد لغيره فعلى هذا فيما يلزمه أوجه (أحدها) يتعين أن يصلي في المسجد الذي أتاه قال إمام الحرمين الذي أراه أنه لا يلزمه ركعتان بل تكفيه ركعة قولا واحدا وذكر ابن الصباغ والأكثرون أنه يصلى ركعتين قال ابن القطان وهل يكفي أن يصلى فريضة أم لابد من صلاة زائدة فيه وجهان (أصحهما) لا تكفي الفريضة بناء على وجهين فيمن نذر أن يعتكف شهر الصوم هل يكفي أن يعتكف في رمضان (أصحهما) لا يكفيه (والوجه الثاني) من الأوجه أنه يتعين أن يعتكف فيه ولو ساعة لان الاعتكاف أخص القربات بالمسجد (والثالث) وهو الأصح يتخير بينهما وبه قطع البغوي وغيره قال الشيخ أبو علي السنجي يكفي في مسجد المدينة أن يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم وحكاه عنه إمام الحرمين
(٤٧٤)