(الشرح) حديث الطواف بالبيت صلاة) سبق بيانه في أوائل أحكام الطواف وذكرنا أن الصحيح أنه موقوف على ابن عباس لا مرفوع (وأما) حديث أبي هريرة فغريب لا أعلم من رواه وذكر الشافعي والبيهقي باسنادهما الصحيح عن ابن عمر قال (أقلوا الكلام في الطواف إنما أنتم في صلاة) وباسنادهما الصحيح عن عطاء قال (طفت خلف ابن عمر وابن عباس فما سمعت واحدا منهما متكلما) حتى فرغ من طوافه) (أما) الأحكام فقال الشافعي والأصحاب يجوز الكلام في الطواف ولا يبطل به ولا يكره لكن الأولى تركه الا أن يكون كلاما في خير كامر بمعروف أو نهي عن منكر أو تعليم جاهل أو جواب فتوى ونحو ذلك وقد ثبت عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بانسان ربط يده إلى إنسان بسير أو بخيط أو شئ غير ذلك فقطه النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال قد بيده) رواه البخاري ومسلم * وهذا القطع محمول على أنه لم يكره إزالة هذا المنكر الا بقطعه أو انه أدل على صاحبه فتصرف فيه * قال أصحابنا وغيرهم ينبغي له أن يكون في طوافه خاشعا متخشعا حاضر القلب ملازم الأدب بظاهره وباطنه وفي هيئته وحركته ونظره فان الطواف صلاة فيتأدب بآدابها ويستشعر بقلبه عظمة من يطوف ببيته * ويكره له الأكل والشرب في الطواف وكراهة الشرب أخف ولا يبطل الطواف بواحد منهما ولا بهما جميعا * قال الشافعي لا بأس بشرب الماء في الطواف ولا أكرهه بمعنى المأثم لكني أحب تركه لان تركه أحسن في الأدب * وممن نص على كراهة الأكل والشرب وأن الشرب أخف صاحب الحاوي قال الشافعي في الاملاء روي عن ابن عباس انه شرب وهو يطوف قال وروي من وجه لا يثبت (أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب وهو يطوف) قال البيهقي لعله أراد حديث ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب ماء في الطواف) وهو حديث غريب بهذا اللفظ والله أعلم * (فرع) يكره للطائف وضع يده على فيه كما يكره ذلك في الصلاة الا أن يحتاج إليه أو يتثاءب فان السنة وضع اليد على الفم عند الشارب لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه فان الشيطان يدخله) رواه مسلم * (فرع) يكره أن يشبك أصابعه أو يفرقع بها كما يكره ذلك في الصلاة ويكره ان يطوف
(٤٦)