الحج كالوقوف بعرفات وبمزدلفة والطواف والسعي والرمي هل يفتقر كل فعل منها إلى نية فيه ثلاثة أوجه (أحدها) لا يفتقر شئ منها إلى نية لان نية الحج تشملها كلها كما أن نية الصلاة تشمل جميع أفعالها ولا يحتاج إلى النية في ركوع ولا غيره ولأنه لو وقف بعرفة ناسيا أجزأه بالاجماع (والوجه الثاني) وهو قول أبي إسحاق المروزي لا يفتقر شئ منها إلى النية الا الطواف لأنه صلاة والصلاة تفتقر إلى نية (والثالث) وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ما كان منها مختصا بفعل كالطواف والسعي والرمي افتقر وما لا يختص وإنما هو لبث مجرد كالوقوف بعرفات وبمزدلفة والمبيت لا يفتقر * هذا كلام القاضي (والصحيح) من هذه الأوجه هو الأول ولم يذكر الجمهور غيره الا الوجه الضعيف في ايجاب نية الطواف والصحيح أيضا عنده ذكر الخلاف فيها انها لا تجب كما سبق والله أعلم * (فرع) قد ذكرنا انه لا يصح الطواف الا بطهارة سواء فيه جميع أنواع الطواف هكذا جزم به الشافعي والأصحاب في جميع الطرق ولا خلاف فيه الا وجها ضعيفا باطلا حكاه امام الحرمين وغيره عن أبي يعقوب الأبيوردي من أصحابنا انه يصح طواف الوداع بلا طهارة وتجبر الطهارة بالدم قال الامام هذا غلط لان الدم إنما وجب جبرا للطواف لا للطهارة * (فرع) في مذاهب العلماء في الطهارة في الطواف قد ذكرنا أن مذهبنا اشتراط الطهارة عن الحدث والنجس وبه قال مالك وحكاه الماوردي عن جمهور العلماء وحكاه ابن المنذر في طهارة الحدث عن عامة العلماء وانفرد أبو حنيفة فقال الطهارة من الحدث والنجس ليست بشرط للطواف فلو طاف وعليه نجاسة أو محدثا أو جنبا صح طوافه واختلف أصحابه في كون الطهارة واجبة مع اتفاقهم على أنها ليست بشرط فمن أوجبها منهم قال إن طاف محدثا لزمه شاة وان طاف جنبا لزمه بدنة قالوا ويعيده ما دام بمكة وعن أحمد روايتان (إحداهما) كمذهبنا (والثانية) ان أقام بمكة اعاده وان رجع إلى بلده جبره بدم * وقال داود الطهارة للطواف واجبة فان طاف محدثا أجزأه الا الحائض وقال المنصوري من أصحاب داود الطهارة شرط كمذهبنا * واحتج أبو حنيفة وموافقوه بعموم قوله تعالى (وليطوفوا بالبيت) وهذا يتناول الطواف بلا طهارة قياسا على الوقوف وسائر أركان الحج * واحتج أصحابنا بحديث عائشة (ان النبي صلى الله عليه وسلم أول شئ بدأ به حين قدم مكة
(١٧)