والتعليل كان بملاحظة أن القضاء لم يكن إلا لنبي أو وصي نبي كما في خبر سليمان بن خالد وغيره، ولا يكون مشروعا إلا بإجازة الوصي ونصبه. ومورد السؤال أيضا المنازعات. فالإمام الصادق (عليه السلام) أرجع المتنازعين من الشيعة إلى الفقيه وأمر بوجوب الرضا به حكما من جهة أنه - عليه السلام - بولايته المطلقة الثابتة عندنا جعله قاضيا، فصار قضاؤه بذلك مشروعا فلم يجز التخلف عنه. وقد مر آنفا وجه الأمر بالرضا والتعبير بالحكم.
وليس ذكر السلطان في المقبولة وخبر أبي خديجة دليلا على إرادة الأعم من القضاء بعد كون السؤال عن تكليف المتنازعين.
وإنما ذكر السلطان من جهة أن الرجوع إلى القاضي المنصوب من قبل السلطان نحو رجوع إلى السلطان، ولأنه ربما كان السلطان بنفسه يتصدى للقضاء في الأمور المهمة.
والتنازع سواء كان لادعاء طرف وإنكار آخر أو كان لاستنكاف أحد عن أداء دينه بعد معلوميته كان مرجعه القضاة، وكذلك جميع الأمور الحسبية كما هو المتعارف في أعصارنا أيضا. كما قد يشهد بذلك خبر إسماعيل بن سعد عن الرضا (عليه السلام): " وعن الرجل يصحب الرجل في سفر فيحدث به حدث الموت ولا يدرك الوصية كيف يصنع بمتاعه وله أولاد صغار وكبار، أيجوز أن يدفع متاعه ودوابه إلى ولده الأكابر أو إلى القاضي، وإن كان في بلدة ليس فيها قاض كيف يصنع؟ " (1) إذ يظهر بذلك أن مرجع أمر الصغار كان هو القاضي. وقد مر الإشارة إلى كلام الماوردي وأبي يعلى وأنهما جعلا تكليف القاضي أوسع من فصل الخصومات.
وعلى هذا فما ذكره الأستاذ الإمام - مد ظله - في بيان المقبولة من تقسيم التنازع إلى قسمين وإرادة استفادة جعل الولاية الكبرى من هذا الطريق قابل للخدشة