الدليل الأول:
انه قد حصلت لنا من السبر الإجمالي للأخبار والفتاوى نتيجتان:
الأولى: ان دين الإسلام ليس كما يزعمه بعض البسطاء السذج من المسلمين، بل وبعض السذج من علماء الدين أيضا - نتيجة لإلقاءات المستعمرين وعملائهم - ليس منحصرا في عدة أعمال عبادية وآداب ومراسيم شخصية فقط، بل هو نظام واسع كافل لجميع ما يحتاج اليه الإنسان ويواجهه في معاشه ومعاده من بدو تكونه إلى آخر مراحل حياته من المصالح الفردية والاجتماعية، وما يجب أو ينبغي أن يكون عليه الإنسان في قبال خالقه وعائلته وبيئته، وعلاقاته الاقتصادية والسياسية و روابط الحاكم والرعية وعلاقته مع سائر الأمم ونحو ذلك.
الثانية: ان الإسلام ليس ينحصر في التقنين والتشريع فقط من دون التفات إلى القوة المنفذة وشرائطها، بل شرعت أحكامه ومقرراته على أساس الحكومة الصالحة العادلة التي تقدر على إجراء المقررات وتنفيذها. فاشتبك فيه التقنين والتنفيذ معا و كانت الحكومة الصالحة المنفذة للقوانين من أهم برامجه وداخلة في نسجه ونظامه، بنحو يوجب تعطيل الحكومة تعطيل الأحكام وإهمالها. فيجب على المسلمين الاهتمام بأمر الحكومة. وقد تحصلت لك هاتان النتيجتان من سبر الأخبار والفتاوى والدقة فيها، كما مر.
ولو فرض المناقشة في استفادة تعين الحكومة من الفتاوى المذكورة فيها ألفاظ الإمام والحاكم ونحوهما باحتمال ان يكون كلام الفقهاء من باب رعاية الاحتياط و الأخذ بالمتيقن، إذ الموارد من الأمور الحسبية المطلوبة على كل حال ويجوز لكل مؤمن التصدي لها وإعمالها، فلا تسري المناقشة إلى الأخبار الكثيرة التي تعرضنا