المسألة الثانية تفترق الحكومة الإسلامية عن الحكومة الديموقراطية بوجهين أساسين:
الأول: أنه يشترط في حاكم المسلمين مطلقا، سواء كان بالنصب أو بالانتخاب، أن يكون أعلم الناس وأعدلهم وأتقاهم وأقواهم بالأمر وأبصرهم بمواقع الأمور و بالجملة أجمعهم للفضائل. ففي عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان هو بنفسه إماما للمسلمين وأولى بالمؤمنين من أنفسهم، وبعده كانت الإمامة عندنا حقا للأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) على ما فصل في الكتب الكلامية. وفي عصر الغيبة للفقيه العادل العالم بزمانه البصير بالأمور والحوادث الحافظ لحقوق الناس حتى الأقليات غير المسلمة، فلا يجوز للأمة انتخاب غيره. وقد مر تفصيل الشروط وأدلتها في الباب السابق، فراجع.
وبالجملة في صورة عدم النصب تكون آراء الأمة معتبرة ولكنها في طول الشروط المذكورة وفي الرتبة المتأخرة عنها، فلا تصح إمامة الفاقد لها.
الثاني: أن الحكومة الإسلامية بشعبها الثلاث: من التشريع والتنفيذ والقضاء تكون في إطار قوانين الإسلام وموازينه وليس لها أن تتخلف عما حكم به الإسلام قيد شعرة. فالحكومة مشروطة مقيدة، والحاكم في الحقيقة هو الله - تعالى - والدين الحنيف بمقرراته الجامعة. ولذا يعبر عنها بالحكومة الثئوقراطية في قبال الحكومة الديموقراطية. فالمراد بالحكومة الثئوقراطية حكومة القانون الإلهي، لا حكومة رجال الدين حكومة استبدادية على نحو ما كان لرجال الكنيسة والبابا في القرون الوسطى.
هذا.