الأمر الثاني إن الحاكم إذا صدرت عنه معصية أو صار جائرا بعدما كانت حكومته مشروعة في بادئ الأمر فالظاهر أنه لا يمكن القول بانعزاله عن الولاية قهرا، أو بجواز الخروج عليه بمجرد صدور معصية جزئية أو ظلم منه في مورد خاص أو صدور أمر منه بهما مع بقاء النظام على ما كان عليه من كونه على أساس موازين الإسلام.
وهذا من غير فرق بين أن تكون المعصية الجزئية في محاوراته وأموره الشخصية أو في تكاليفه بالنسبة إلى المجتمع، ومن غير فرق في ذلك بين الوالي الأعظم المنتخب وبين الوزراء والمدراء والأمراء والعمال المنصوبين من قبله.
بداهة أن الحكام غير المعصومين يكثر منهم صدور الهفوات والأخطاء والمزالق ولاسيما من العمال المنصوبين من قبل الوالي الأعظم، وربما يكون لبعضهم اعتذار أو تأويل أو اختلاف في الفتوى أو في تشخيص الموضوع.
فالحكم بالانعزال القهري أو الخروج عليهم، بل العصيان والتخلف عن أوامرهم المشروعة بلا ضابطة معينة يكون مخلا بنظام المسلمين ووحدتهم ويوجب الفوضى والهرج والمرج وإراقة الدماء وإثارة الفتن في كل صقع وناحية في كل يوم بل في كل ساعة، ولاسيما بالنسبة إلى الأمراء والعمال لكثرتهم وكثرة المزالق فيهم.
بل يمكن الخدشة في صدق عنوان الفاسق أو الجائر أو الظالم على هذا الشخص، إذ المتبادر من هذه العناوين هو الوصف الثبوتي والملكة، لا صدور المبدأ ولو دفعة ما، فتأمل. بل ربما يصح إطلاق العادل عليه أيضا بناء على كونه عبارة عن الملكة.
فالظاهر في هذه الموارد بقاء المنصب المفوض إليه ووجوب النصح والإرشاد و وجوب إطاعتهم فيما يرتبط بشؤون الأمة من التكاليف وإن لم تجز إطاعتهم في الجور