الرابع - ان الولاية المساوقة للإمامة أيضا لها مراتب بحسب التحقق الخارجي:
الأولى: مرتبة الاستعداد والصلاحية، أعنى واجدية الشخص للصفات والملكات الذاتية أو الاكتسابية التي بها يصير عند العقلاء صالحا لأن يجعل واليا وبدونها يكون الجعل عندهم جزافا. وهكذا منصب النبوة والرسالة. فالحكيم المطلق لا يرسل إلى الخلق لغرض الارشاد والهداية، وكذلك لا يجعل إماما لإدارة شؤون الناس و التصرف فيما يتعلق بهم الا من له لياقة ذاتية وأهلية لهذا المنصب. كما ان العقلاء يقضى عقلهم بان لا يؤمروا على أنفسهم الا من ثبتت له فضائل نفسانية معينة.
وهذه المرتبة من الولاية كمال ذاتي في الشخص وحقيقة خارجية، ولكنها في الحقيقة ليست هي الولاية والإمامة الاصطلاحية، بل تكون مقدمة لها ومن شرائطها.
الثانية من المراتب: المنصب المجعول للشخص اعتبارا من قبل من له ذلك وان فرض عدم ترتب الأثر المترقب منها عليه. مثل الولاية التي جعلها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل الله - تعالى - لأمير المؤمنين في غدير خم، وان لم ترتب الأمة عليها الأثر و تخلفوا عنها. ونظير ذلك ثبوت منصب الولاية شرعا للأب بالنسبة إلى مال الصغير، و ان منعه المانعون من إعمالها.
الثالثة: الولاية والسلطة الفعلية الحاصلة بمبايعة الناس وتسليم السلطة والقوة له فعلا. مثل ما حصل لأمير المؤمنين (عليه السلام) بعد عثمان بالبيعة له.
ولا يخفى ان المرتبة الأولى - كما عرفت - كمال ذاتي للوالي، سواء جعل واليا أم لا، وسواء تحققت له سلطة واستيلاء فعلى أم لا.