غير الاستعباد، فتأمل.
هذا ما ذكروه في مقام تأسيس الأصل في مسألة الولاية، ولكن هنا أمور أخر أيضا في قبال ذلك الأصل يحكم بها العقل نشير إليها إجمالا والتفصيل في كل منها يحال إلى محله. ولعله يوجد لهذه الأمور نحو حكومة على هذا الأصل:
الأول:
انه لاشك في ان الله - تعالى - خالق لنا ولكل شيء مادة وصورة، جوهرا و عرضا، وبيده التكوين والتنمية والتربية والهداية، وله ان يتصرف في جميع شؤون خلقه، وهو عليم بما يصلح خلقه وعباده في دينهم ودنياهم وحالهم ومستقبلهم، حكيم في الخلق والتشريع لا يحكم إلا بما يكون صلاحا لنا ولنظام الوجود. و الانسان في قباله مهما بلغ من العلم والمعرفة عاجز قاصر عن ان يحيط بطبائع الأشياء ولطائف وجوده ومصالح نفسه في النشأتين.
فلله الخلق والأمر، وله أن يأمر بما يراه صلاحا وينهى عما يراه ضررا وفسادا، و على الانسان ان يخضع لله وللشريعة الإلهية بقوانينها العادلة الحكيمة في شتى مراحل حياته، يحكم بذلك العقل ويذمه على المخالفة، ولا يشارك الله في ذلك أحد من خلقه.
قال الله - تعالى - في كتابه العزيز: " ان الحكم إلا لله، يقص الحق وهو خير الفاصلين. " (1) وقال: " ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق، ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين. " (2)