ويستخلف من بعدكم ما يشاء " (1)، وقوله: " فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب " (2).
وأما قوله - تعالى -: " إني جاعل في الأرض خليفة " (3) فيحتمل أن يراد به آدم النبي (عليه السلام) ولا يسري إلى ولده. وليس في اعتراض الملائكة بقولهم: " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء "، دلالة على إرادة نوع آدم. إذ لعل اعتراضهم بذلك كان من جهة اطلاعهم على طبع آدم النبي (عليه السلام) وأنه بالطبع يولد له نسل يوجد فيهم الفساد و سفك الدماء، فتأمل.
ويحتمل بعيدا أن يراد من الآية جعل آدم خليفة للجن والنسناس الذين كانوا قبله في الأرض، والملائكة شاهدوا إفسادهم وسفكهم للدماء فقاسوا بهم أولاد آدم هذا.
ولأحد أيضا أن يمنع الإطلاق في قوله - تعالى -: " واستعمركم فيها " أيضا بتقريب أن العمران ظاهر في التكويني فقط، فلا تدل الآية على تفويض الحكومة إلى الناس، و مثله الكلام في وراثة الأرض أيضا، فتدبر.
الامر الثامن:
ما في نهج البلاغة لما أرادوا بيعته بعد قتل عثمان قال (عليه السلام): " دعوني والتمسوا غيري... واعلموا إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب، وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنالكم وزيرا خير لكم مني أميرا. " ونحوه في تاريخ الطبري والكامل لابن الأثير. (4) يظهر من الحديث أن الأمر أمر المسلمين وأن توليته بأيديهم.