وفي نهج البلاغة في كتاب له (عليه السلام) إلى أصحاب الخراج: " فإنكم خزان الرعية ووكلاء الأمة وسفراء الأئمة. " (1) فعبر (عليه السلام) عن أصحاب الخراج الذين هم شعبة من شعب الولاة بوكلاء الأمة، فتأمل.
الأمر الثالث:
فحوى قاعدة السلطنة، فإن العقل العملي يشهد ويحكم بسلطة الناس على الأموال التي حازوها أو أنتجوها بنشاطاتهم، واستمرت سيرة العقلاء أيضا على الالتزام بذلك في حياتهم ومعاملاتهم ويحكمون بحرمة التعدي على مال الغير وكونه ظلما، و قد نفذ الشرع أيضا ذلك بحيث صار هذا من مسلمات فقه الفريقين يتمسكون بها في الأبواب المختلفة.
وروى في البحار عن عوالي اللئالي، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " إن الناس مسلطون على أموالهم. " (2) وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إن لصاحب المال أن يعمل بماله ما شاء ما دام حيا. الحديث. " (3) إلى غير ذلك من الروايات التي يستفاد منها هذه القاعدة الشاملة.
فإذا فرضنا أن الناس مسلطون على أموالهم بحيث يكون لهم التصرف فيها إلا ما حرمه الله - تعالى - وليس لغيرهم أن يتصرفوا في مال الغير إلا باذنه، فهم بطريق أولى مسلطون على أنفسهم وذواتهم. فإن السلطة على الذات قبل السلطة على المال بحسب الرتبة، بل هي العلة والملاك لها، حيث إن مال الإنسان محصول عمله،