وليس كل ما يروى وينسب إلى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أو إلى الأئمة أو الصحابة بصحيح، بل يجب عرضه على الكتاب العزيز; فما خالفه زخرف وباطل. ويجب على أهل النظر التتبع وتشخيص الغث من السمين والصحيح من السقيم.
وفي نهج البلاغة: " إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما. ولقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على عهده حتى قام خطيبا فقال: من كذب على متعمدا فليتبوء مقعده من النار. وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس: رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثم و لا يتحرج يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متعمدا. فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه و لم يصدقوا قوله ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله رآه وسمع منه ولقف عنه، فيأخذون بقوله وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك... " (1) وإذا كان هذا حال عصر أمير المؤمنين (عليه السلام) مع قربه من عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فكيف بأعصار حكام الجور من الأمويين والعباسيين وسلاطين عصورهم وظهور أهل الأهواء وتقربهم منهم كثيرا. وقد ضبط المورخون أحوال كثير من الوضاعين، فراجع. (2) وفي كنز العمال، عن أبي هريرة: " إذا رأيت العالم يخالط السلطان مخالطة كثيرة فاعلم أنه لص. " (3) والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
تم الجزء الأول من الكتاب، ويتلوه إن شاء الله الجزء الثاني، وأوله الباب السادس منه.