قداسة زيد وقيامه ثم ان قيام زيد لم يكن قياما إحساسيا عاطفيا أعمى بلا اعداد للقوى والأسباب، فإنه بعث إلى الأمصار وجمع الجموع، والكوفة كانت مقرا لجند الإسلام من القبائل المختلفة وقد بايعه فيها خلق كثير، وقد قيل انه بايعه فيها أربعون ألفا من أهل السيف.
واما اطلاعه على كونه المصلوب بالأخرة في كناسة الكوفة بإخبار الإمام الباقر والإمام الصادق (عليهما السلام) فلم يكن يجوز تخلفه عن الدفاع عن الحق والأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بعد ما تهيأت له الأسباب من الجنود والسلاح. كما أن إخبار عن نبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) بشهادة سيد الشهداء (عليه السلام) في النهاية لم يمنعه من القيام بعدما دعاه جنود الإسلام من الكوفة بالكتب والرسائل وأخبره رائده مسلم بتهيؤ العدة والعدة. ولو كان لا يجيب الداعين مع كثرتهم وتهيئهم لكان لهم حجة عليه (عليه السلام) بحسب الظاهر.
وبالجملة العلم بالشهادة بالأخرة بإخبار غيبي لا يوجب عدم التكليف بعد تحقق شرائطه وأسبابه، فلعل جنوده تظفر والإسلام يغلب وان رزق بنفسه الشهادة، والمهم ظفر الإسلام والحق وتحقق الهدف لا ظفر الشخص وغلبته، ولعل شهادته أيضا تؤثر في تقوي الإسلام وبسطه، كما يشاهد نظير ذلك في كثير من الثورات.
وكيف كان فقيام زيد بن على كان من سنخ نهضة الحسين (عليه السلام) غاية الأمر ان الحسين (عليه السلام) كان إماما بالحق يدعو إلى نفسه، وزيد لم يكن يدعو إلى نفسه بل إلى الرضا من آل محمد، وقد أراد بذلك الإمام الصادق (عليه السلام) لا محالة.
وفي خطبته المحكية عنه: