" أنزلت هذه الآية في ولاة الأمر وفيمن ولى من أمور الناس شيئا. " وعن شهر بن حوشب، قال:
" نزلت في الأمراء خاصة ". وعن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا له وأن يطيعوا وأن يجيبوا إذا دعوا. " (1) وفي كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الأشعث بن قيس عامله على آذربيجان:
" وإن عملك ليس لك بطعمة، ولكنه في عنقك أمانة. " (2) فظهر بما ذكر أن الآية وإن كانت عامة لفظا ومفهوما فتشمل جميع الأمانات، ولكن الولاية المفوضة من قبل الله - تعالى - أو من قبل الأمة من أعظمها، والتكليف بالنسبة إليها خطير.
ولعل مقارنة الأمانة في الآية للحكم بالعدل قرينة على إرادة هذا المصداق قطعا، فيكون الحكم بالعدل من شؤون الولاية ومن فروعها ومن مصاديق أداء الأمانة إلى أهلها. فتدبر. هذا كله بالنسبة إلى الأمانة.
وأما الحكم فقال الراغب في المفردات:
" حكم، أصله: منع منعا لإصلاح، ومنه سميت اللجام حكمة الدابة... وحكمت الدابة: منعتها بالحكمة، وأحكمتها: جعلت لها حكمة... والحكم بالشيء أن تقضي بأنه كذا أو ليس بكذا، سواء ألزمت ذلك غيرك أو لم تلزمه، قال - تعالى -: " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل. "... ويقال: حاكم وحكام لمن يحكم بين الناس، قال الله - تعالى -: " وتدلوا بها إلى الحكام. " والحكم: المتخصص بذلك فهو أبلغ، قال الله - تعالى -: " أفغير الله ابتغي حكما "، وقال - عز وجل -: " فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها. " وإنما قال: حكما ولم يقل: