الرابعة من اخبار الباب خبر أبي المرهف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " الغبرة على من أثارها. هلك المحاضير. " قلت: جعلت فداك، وما المحاضير؟ قال المستعجلون. أما انهم لن يريدوا إلا من يعرض لهم. ثم قال: يا أبا المرهف، أما انهم لم يريدوكم بمجحفة إلا عرض الله - عز وجل - لهم بشاغل. ثم نكت أبو جعفر (عليه السلام) في الأرض ثم قال: يا أبا المرهف! قلت: لبيك! قال:
أترى قوما حبسوا أنفسهم على الله - عز ذكره - لا يجعل الله لهم فرجا؟ بلى، والله ليجعلن الله لهم فرجا. " (1) وأبو المرهف عده الشيخ في الكنى باب أصحاب الباقر (عليه السلام) من رجاله (2)، وفي تنقيح المقال: " لم أعرف اسمه ولا حاله ". (3) والغبرة بالضم وبفتحتين: الغبار. والمحضار والمحضير من الخيل ونحوها بكسر الميم فيهما: الشديد الركض. والمجحفة بضم الميم وتقديم الجيم: الداهية.
ويظهر من الخبر وقوع خروج ما لبعض على الحكومة، وتعقيب الحكومة للخارجين، وخوف أبي المرهف من سراية التعقيب له، فأراد الإمام (عليه السلام) تقوية خاطره ورفع خوفه ببيان ان ضرر الغبار يعود إلى من أثاره، فلا ينال أبا المرهف شئ. ثم أخبر (عليه السلام) بهلاك المستعجل، أي من وقع تحت تأثير الأحاسيس الآنية وأقدم على القيام قبل تهيئة المقدمات وإعداد القوة.
ولم يكن بناء أئمتنا على المنع عن الجهاد والدفاع، بل كانوا ينهون عن التعجيل والتهور المضر بنفس الخارج وبالأئمة (عليهم السلام)، حتى ان أخبار التقية أيضا ليست بصدد المنع عن الجهاد، بل بصدد الدقة في حفظ النفس مع الإمكان، مع الاشتغال